تنقسم شعائر الدين الإسلامي بشكل أساسي إلى شقّين رئيسن وهُما العبادات والمُعاملات، ومِن مميزات الشريعة الإسلاميّة أنّها عالجت كافّة القضايا والأمور دقيقها وعظيمها؛ فلم تدع شيئاً إلا وتعرّضت له إمّا من خلال نصّ قرآني صريح أو حديث نبويّ شريف يتضمن فعلهُ عليه الصلاة والسلام أو أقواله وتقريره وصفاته الخلقية والخلقية، وكذلك الآثار التي وصلتنا عن سلفنا الصالح الذين هُم جَلَسَة النبيّ صلّى الله عليهِ وسلّم وأخَذَة العِلمِ عنهُ عليهِ الصلاةُ والسلام، ومما سنركّز عليه في هذا المقال هوَ الجانب الذي يخصّ العبادات وخصوصاً عبادة الصلاة وهو الوضوء.
من المعلوم أنَّ الصلاة هي عمود الدين، وهي من أعظم أركان الإسلام، وأنَّ الصلاة هي العلاقة الحقيقيّة بين العبد وربّه؛ فبها يقرأ المُسلم القُرآن وبها يدعو ربّه بسائر الأدعية، وبهذه العبادة تكون الصلة بين العبد وربّه قائمة، فمن شاء أن يقطعها فقد خاب عمله. وحتّى تكون هذهِ العبادة صحيحة فهي لا تُقبل إلاّ بشروط وعند حُصول شروطها فإنّ لها أركان وواجبات وهيئات وسُنن، فأمّا الشرط فهو ما لا يصحّ الشيء إلا به وهو ليس من جنس الأمر، كالوضوء، إذ لا صلاة بدون وضوء والوضوء ليس من نفس جنس الصلاة، وبما أنَّ الصلاة لا تصحّ إلا بالوضوء فعلينا أن نتعلّم الوضوء الصحيح كما وردَ عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، حتّى تكون صلاتنا مقبولةً بإذن الله تعالى.
تعريف ومعنى الوضوء
الوضوء هو تحقيق الطهارة من الحدث الأصغر عن طريق الماء الطاهر غير النجس بطريقة وهيئة ولأعضاء مخصوصة، كما سّأذكر ذلك في كيفيّة الوضوء بطريقة صحيحة.
كيف أتوضّأ بطريقة صحيحة
- عليك بالنيّة قبل الوضوء بأنّك تُريد الطهارة من الحدث، لأنّ الاعمال كُلّها بالنّيات كما أخبرنا الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا يُشترط التلفّظ بالنيّة ولكن أن تقصدها بقلبك.
- بعد النيّة لا تنسى التسمية فالتسمية ضرورية، وهي أن تذكر اسم الله قبل الشروع بالوضوء.
- الموالاة في الوضوء.
- يجب في الوضوء أن يتم غسل الوجه والمضمضة والاستنشاق.
- يجب على المتوضئ أن يغسل اليدين إلى المرفقين.
- يجب أن المتوضىء أن يمسح الرأس بالإضافة إلى الأذنين.
- إذا كان المتوضىء رجلاً فيجب أن يحرص على تخليل اللحية بالماء، لفعل النبيّ صلّى الله عليه وسلم لذلك كما ورَدَ في الحديث الصحيح.
- يجب أيضاً أن يتم تخليل الماء في أصابع اليدين والرجلين.
- يسنّ لكمال الوضوء أن يتمّ استعمال السواك مع الوضوء.
ومن المسنون أيضاً أن يُقدّم الميامن في أعضاء الوضوء كاليد اليمنى والرجل اليمنى، وأن يكون الوضوء ثلاث مرات وهو الأكمل كما يُشترط الترتيب في الوضوء، وهو كما ورَد في الحديث النبويّ الشريف وهو حديث شامل لكلّ ما ذكرناه سابقاً وهو: (عن حُمران مولى عثمان بن عفان أنّه رأى عثمان بن عفان دعا بوَضوء - وهو الماء الذي يُتوضّأ به-، فأفرغ على يديه من إنائه فغسلهما ثلاث مرات، ثم أدخل يمينه في الوَضوء، ثم تمضمض واستنشق واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ويديه إلى المرفقين ثلاثًا، ثم مسح برأسه، ثم غسل كلّ رجل ثلاثًا، ثم قال: رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم يتوضّأ نحو وُضوئي هذا، وقال: (من توضّأ نحو وُضوئي هذا، ثم صلّى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه -أي بشيء من أمور الدنيا-، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه).
