الحجاج
من الشّخصيات التي اشتهرت في التّاريخ الإسلامي شخصية الحجّاج بن يوسف الثّقفي، وقد كانت هذه الشخصيّة وما تزال إلى يومنا الحاضر مثار جدلٍ بين العلماء والمفكرين والمؤرّخين، فقد صحّ عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه سوف يخرج من ثقيف ظالمٌ ومبير وقد خرجت شخصيتان ينطبق عليهما وصف النّبي صلّى الله عليه وسلّم، فخرج المختار بن عبيد الله الثّقفي الذي ادعى حبّ آل البيت فسعى للانتقام من قتلة الحسين رضي الله عنه وكل ذلك لتحقيق مآرب خاصة، وجاءت شخصيّة الحجّاج الذي اشتهر بالظّلم وسفك الدّماء والاستهانة بها وقد كان والياً على العراق فترةً طويلةً من الزّمن اشتهر فيها بالعنف ضد المخالفين على الرّغم مما روي من فصاحته وبلاغته وتعظيمه للقرآن الكريم.
كانت الفترة التي ظهر فيها الحجّاج فترةً تموج فيها الفتن وتهزّ أركان الدّولة الأمويّة التي أسسها الصحابي معاوية ابن أبي سفيان، فقد جاء عبد الملك بن مروان الخليفة الأمويّ الثّاني وفي نيته تثبيت أركان الحكم والقضاء على الثّورة التي تهدّد الدّولة فوجد ضالته في شخصيّة الحجّاج الذي انتقل من الجزيرة العربيّة إلى الشّام فالتحق بشرطتها ليحقّق نوازع نفسه التّواقّة نحو النّظام والشدّة في تطبيقه، وقد كان الحجّاج شديد الولاء للحاكم يتقرّب لله بظنّة بطاعة خليفته في الأرض، فاستخلفه عبد الملك بن مروان على العراق وأمره بقتال الخارجين على الدّولة، فتوجّه إلى الحجاز لقتال عبد الله بن الزّبير الذي تمرّد على الخليفة ورفض بيعته وسيطر ورجاله على الحجاز، فسار إليه الحجاج وقاتله حتى انتصر عليه وأمر بصلبه في مشهدٍ جللٍ خلّد في التّاريخ، ثم نادى أمّه أسماء بنت أبي بكر الصّديق- رضي الله عنها - ذات النطاقين فقال لها كيف رأيتني فعلت بابنك ؟، قالت بصوت كلّه ثقةٌ ويقينٌ بالله رأيتك أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك دينك، فبقي عبد الله بن الزبير معلّقاً على الصّليب اياّماً وأمّه تمرّ عليه وتقول أما آن لهذا الفارس أن يترجّل في كلمةٍ ذهبت مثلاً في البّطولة والفداء، فالحجّاج كان ظالماً بلا شك ومستهيناً بالدماء، فقد ثبت قتله للمتّقين ومنهم الإمام الجليل سعيد بن جبير رحمه الله تعالى.