الفلسفة المعاصرة
الفلسفة المعاصرة من المصطلحات التقنية التي تُفرّق بين الفلسفة الناشئة في أوروبا مُنذ نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وبين المدارس والأفكار الفلسفيّة السابقة عليها. هناك بعض المفكّرين الذين يُفرّقون بين الفلسفة المعاصرة وفلسفة الحداثة وما بعدها، بسبب الأسئلة والأفكار الرئيسة التي تَحكمت في مشاريع الفلاسفة في تلك الفترة.
نشأة الفلسفة المعاصرة
إنّ تطور الحياة في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين كان العامل الأبرز في ظهور الفلسفة المعاصرة، كما كانت المشكلة الفلسفيّة في العصور القديمة التي افتقرت إلى المعرفة العلمية تَنحصر في الإنسان وما وراء الطبيعة، ثمّ العلاقة بين الأفكار والدين في العصور الوسطى الأوروبية التي عانت من بَطشِ الكنيسة الكاثوليكية، فإنّ النهضة الصناعية في أوروبا الغربية والاكتشافات العلميّة أدّت إلى تطور الأفكار الفلسفية، لِتسود النزعات العقلانية والتجريبية.
في القرن العشرين اتسعت آفاق المعرفة بشكلٍ كبيرٍ بسبب وسائل الاتصال الحديثة، الأمر الذي أدّى إلى نشأةِ العديد من المذاهب الفلسفية التي تبحث في طريقة تطور الإنسان، واكتشاف ذاته في البيئة التي يَعيش فيها.
مدارس الفلسفة المعاصرة
الفلسفة البراغماتية
رغم أنّ البراغماتية أصبحت تُشير في السياقات العامة والأحاديث الانتهازية، إلّا أنّها قائمة على فكرةٍ بعيدةٍ عن هذا، ومفادها أنّ صحة الفكرة من خطئها تعتمد على مدى المَنفعة التي تؤدّي إليها، أو بمعنى آخر أنّ الأفكار أو الأفعال التي تُسبب الضرر للإنسان هي أفكارٌ وأفعالٌ فاسدةٌ يجب تركها، ومن رواد تلك المدرسة وليم جيمس، وجون ديوي.
الفلسفة الوجودية
تدور أسئلة تلك الفلسفة وأفكارها حول الإنسان وموقعه من هذا العالم، وقد ظهرت في مرحلةِ ما بعد الحربين العالميتين اللتين راح ضحيتهما ملايين الأشخاص، في مُقابل الصراعات على الأراضي والنفوذ، ومن أهمّ روّاد الفلسفة الوجودية جان بول سارتر، الذي رأى أنَّ وجود الإنسان يَعتمد على حريته، وأنّ تلك الحرية تعني اختياره لِكلّ أفعاله دونَ قيدٍ أو شرطٍ من أيّ مؤثراتٍ خارجية كالمجتمع، أو الأسرة، أو غيرهما، إلّا أنّ مارتن هايدغر كان يرى أنّ قيمة الوجود تَنبعُ من خلال وجودِ أشخاصٍ آخرين في الحياة.
الفلسفة البنيوية
تُعتبر الفلسفلة البنيوية أو البنائية أحدث المدارس التي ظهرت في أوروبا في القرن العشرين، وكان روّادها الأوائل هم: ليفي شتروس، وفرديناند دي سوسير، وجان لاكان، وقد اهتمّ كلٌّ منهم بتطبيق المنهج البنائي على إحدى فروع المعرفة، وتقول الفلسفة البنائية إنَّ الظاهرة الكلية أو الفكرة َتَتكوّن من طبقاتٍ مُتعددةٍ من البناءات أو الظواهر التي تتصل كلٌّ منها بالأخرى، ومن خلال تحليل تلك البناءات يُمكن الوصول إلى الحقيقة، فالمُجتمع يُمكن دراسته من خلالِ دارسةِ البناءات التي تكوّنه، وكذلك النصوص الأدبية واللغوية.