الرسل هم أعظم البشر على وجه الأرض، وهم القدوة والأسوة الحسنة الذين اصطفاهم الله عز وجل ليحملوا الرسائل العظمى المرسلة من رب البرية والبشرية جمعاء إلى خلفاءه على الأرض البشر، وليخرجهم من تيههم إلى الحق المبين والصراط المستقيم، المتمثل بتوحيد خالق الكون عز وجل. أرسل الرسل والأنبياء –عليهم السلام-، على امتداد آلاف السنين المتعاقبة ابتداءً من عهد أبي البشر آدم –عليه السلام- إلى عهد خير الأنام محمد المختار –صلى الله عليه وسلم-، ولم تخل أمة ضالة من رسول يبشرهم وينذرهم ويوضح لهم الطريق المستقيم، فاختلفت أجناس الرسل وأعراقهم أيضاً، ولكن الرسول الذي جاء عهده مفصلياً في التاريخ النبوي هو الخليل إبراهيم – عليه الصلاة والسلام-، حيث أن من جاء بعده من الأنبياء هم من نسله عليه السلام، وهو أبو الرسالات السماوية الثلاث الأكثر شهرة وهي الإسلام والمسيحية واليهودية. مع التأكيد على أن الأديان واحدة ولكن الشرائع مختلفة باختلاف الزمان والقوم المشرع لهم والمكان، وهذه رسالة واضحة لمن فضلوا الجمود والبقاء في القرون الغابرة على مواصلة المسيرة الإنسانية مع إخوانهم البشر.
لم تكن المهمات النبوية مهمات سهلة ميسرة بسيطة، فلقد علنى الأنبياء في تبليغ رسالاتهم وأوذوا وهجروا وبعضهم قتل، كل ذلك في سبيل وضوح الهدف والرؤية المتمثلين في أن الله وحده هو من يستحق العبادة، وأن المفر لم ولن يكون إلا إلى رحمته الواسعة.
الغاية العظمى من إرسال الرسل –عليهم الصلاة والسلام – جميعاً، هي تبليغ رسالة التوحيد لمن ضل التي فيها خير الإنسان في دنياه قبل آخرته، فالرسالة التوحيدية تريح الإنسان من أسئلة كثيرة، وتسبب له الطمأنينة والارتياح، ولكن لا يجب أن يفهم من هذا الكلام السكون والدعة بل يجب دوماً الالبحث عن الحقيقة، ومحاولة الوصول إلى الله الذي هو الحقيقة المطلقة، وذلك لا يتأتى إلا عن طريق سؤال الأسئلة ومحاولة الإجابة عليها عن طريق العقل الناقد المتيقظ، وبذلك يستطيع بذلك الإنسان الاقتراب أكثر وأكثر من الحقيقة.
من وظائف الرسل الأخرى ترسيخ الأخلاق الحميدة ومحاولة محو الفاسد منها، فالأخلاق تراكمية مصدرها العادات الإجتماعية والعادات والتقاليد وفطرة الإنسان التي جبل عليها، ولما كان الدين هدفه الإصلاح وموافقة الفطرة السليمة فلقد استطاعت الأديان ترسيخ وتثبيت مكارم الأخلاق عند الناس وإبعادهم عما فسد منها.
الرسل هم القدوة المثلى لكافة البشر لما تمتعوا به من مزايا تفردوا بها وخصهم بها رب العالمين – تعالى في مجده -، ولا يشك عاقل في أنهم ما جاؤوا إلا مكملين لبعضهم، وكذلك أتباعهم يجب أن يكملوا بعضهم، لا أن يتخذوا من الأديانت والطوائف مدعاة للفرقة والاختلاف.