سيدنا عيسى هو ابن مريم العذراء، السيدة الطاهرة ابنة حنة وعمران، قيل إن السيدة حنة امرأة عقيم لا تلد، رجت الله عز وجل أن يرزقها ولد ونذرت ما في بطنها لله وعندما وضعتها أنثى كما ورد بالقرآن الكريم بقوله تعالى: (فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم )، فأخذتها ووضعتها بالمعبد وكفلها نبي الله زكريا؛ إذ إنه زوج خالتها وهو أحق بكفالتها من غيره، وقد كان زكريا نبيا من أنبياء الله تعالى فعلمها من علمه، وكان كلما دخل عليها متفقدا لأمورها وجد عندها رزقا طيبا وتساءل أنى لك هذا يا مريم فكانت تقول هذا رزق من عند الله تعالى.
قصة ولادة نبي الله عيسى
احتجبت مريم عن بني قومها في مكان لا يوجد به بشر، فاذا برجل أتى نحوها خافت السيدة مريم خوف العذراء الطاهرة، وقالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا فأوضح لها أنه رسول من عند الله، وقد كان جبريل أخذ هيئة البشر حتى لا تفزع مريم، وبشرها بنبي الله عيسى، وأظهر لها قدرة الله عز وجل في خلق ما يشاء ومعجزة حملها دون أن يمسها بشر، فنفخ جبريل عليه السلام فيها وحملت بسيدنا عيسى.
عندما بدأت تظهر عليها علامات و دلائل الحمل ابتعدت عن قومها اتجاه شرقي بيت المقدس، وعندما أتاها المخاض التجأت إلى جذع نخلة وتمنت الموت وقتها وقالت (يا ليتني كنت مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا) فأرسل لها الله جبريل إذ ناداها من تحتها وقال لها إن الله قد جعل من تحتها سريرا، وأمرها أن تهز إليها بجذع النخلة فتأكل وتشرب.
مكان ولادة عيسى بن مريم
- ورد في القرآن أنها خرجت إلى مكان قصي أي بعيد باتجاه الشرق عن قومها؛ إذ قال تعالى:(واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا)، وقال تعالى:( فحملته فانتبذت به مكانا قصيا) أي لم يرد المكان بالتحديد، ولكن قيل ثلاث أماكن للولادة: القول الأول أنه ولد في بيت لحم إذ ورد حديث عن الرسول في حادثة الإسراء والمعراج فقد روي عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله ـ أي الإمام جعفر بن محمد الصادق ـ ( عليه السلام ) عن الرسول المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) ـ في حديث طويل في صفة المعراج ـ ثم قال لي ـ أي جبرئيل : انزل فصل . "فنزلت وصليت " فقال لي: أتدري أين صليت؟ فقلت : " لا " فقال : صليت في بيت لحم، و بيت لحم بناحية بيت المقدس حيث ولد عيسى ابن مريم ( عليه السلام ).
- القول الثاني أنه عليه السلام ولد في كربلاء موضع قبر الحسين عليه السلام، فقد روي عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (عليه السلام ) في قوله :( فحملته فانتبذت به مكانا قصيا) قال: " خرجت من دمشق حتى أتت كربلاء، فوضعته في موضع قبر الحسين (عليه السلام)، ثم رجعت من ليلتها".
- القول الثالث: موضع ولادة المسيح بن مريم (عليه السلام) على صخرة بيضاء في أرض برثا في موضع مسجد برثا حاليا، فروى المفيد عن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) حديثا جاء فيه: أن أمير المؤمنين (عليه السلام) لما رجع من وقعة الخوارج اجتاز بالزوراء، فلما أتى يمنة السواد إذا هو براهب في صومعة له فجرى بينهما حديث، إلى أن قال، فقال له الراهب: إني وجدت في الإنجيل نعتك وأنك تنزل أرض براثا بيت مريم وأرض عيسى (عليه السلام) فأتى أمير المؤمنين موضعا فلكزه برجله فانبجست عين خرارة . فقال: " هذه عين مريم التي أنبعت لها ". ثم قال:" اكشفوا هاهنا على سبعة عشر ذراعا " فكشف فإذا بصخرة بيضاء فقال (عليه السلام):(على هذه وضعت مريم عيسى (عليها السلام) من عاتقها ، و صلت ها هنا". ثم قال:" أرض براثا هذه بيت مريم (عليها السلام )" والله أعلم بحقيقة الأمر.