لم يخل تاريخنا الإسلامي من بعض المصائب السياسية والنزاعات والحروب التي أودت بحيوات المسلمين وعلى امتداد القرون الإسلامية الأربعة عشر، فبعدما كان السلام يخيم على المسلمين في العهد النبوي الشريف وفي زمن خلافة أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب - رضي الله عنهم -، جاءت خلافة عثمان بن عفان – رضي الله عنه – لتبدأ الفتنة، فلقد شهدت غالبية فترة عثمان إنجازات ضخمة كبيرة ونالت رضاً شعبياً واسعاً، نظراً لما كان يتمتع به هذا الخليفة من أخلاق عالية، إلا أن الأخطاء بدأت تحدث وبدأ السخط الشعبي عند توليته لأقربائه الأمويين وإجزال العطايا عليهم بشكل كبير وهي من أموال المسلمين، إضافة لبعض الأعمال الأخرى التي لم تلق الاستحسان من الناس، ولكن الناس لم يفعلوا شيئاً نظراً لمكانة هذا الصحابي الجليل في التاريخ الإسلامي ولمواقفه المشرفة في نصرة الإسلام، ولقربه من رسول الله محمد – صلى الله عليه وسلم-، إلى أن ثارت الفتن على أيدي من يذكون نيارانها ويشعلونها، وهم من لديهم أطماع في الفرقة وعدم التوحد، وهم موجودون حتى وقتنا الحالي مستغلين في ذلك الأخطاء الإدارية التي وقعت في زمنه، فتطورت الأوضاع إلى حصار المدينة واستشهاده فدخلوا عليه بيته وكانت معه زوجته وقتلوه وهو يقرأ القرآن. وهذا درس كبير فالتن تجد ضالتها وتزداد عند الإكثار من الأخطاء الإدارية بسبب استغلال بعض الجماعات حنق الشعب اتجاه السلطة الحاكمة.
ثارت حمية المسلمين بعد قتله واشتعلت الفتن أكثر وأكثر، فبعد مبايعة الإمام علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – للخلافة وقيامه – كرم الله وجهه – بنقل عاصمة الخلافة من المدينة المنورة إلى الكوفة في العراق، ارتأى أن يتم تأجيل القصاص من قتلة عثمان، حتى تهدأ الأمور.
معركة الجمل هي معركة هي معركة طرفها الأول جيش علي بن أبي طالب وطرفها الثاني جيش طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعائشة أم المؤمنين – رضي الله عنهم جميعاً وأرضاهم -، واختلفت الروايات في الما هى اسباب التي دفعت إلى نشوب هذه المعركة بين هذان الطرفان، ولكن الخلاف بينهما كان قائماً حول موضوع الاقتصاص من القتلة، فالسنة لهم روايتهم كما للشيعة روايتهم، ولكن المهم أن الطرفين لم يكونا ينويان القتال لولا وجود الفتنة، التي زادت من تأجيج نيران هذه الحرب الضروس التي أذهبت العديد من المسلمين.
سميت معركة الجمل بهذا الاسم بسبب الجمل الذي كانت تركبه أم المؤمنين عائشة – رضوان الله عليها – في هذه المعركة حيث التف حوله جمع غفير من المسلمين ليدافعوا عنه نظراً لمكانتها بين المسلمين فهي زوجة الرسول – صلى الله عليه وسلم – وأم المؤمنين وبنت أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – .
جميع البشر يقعون في الأخطاء فلا معصوم منهم إلا الأنبياء بسبب رعاية الله لخطواتهم، أما ما عدا ذلك حتى ولو كانوا من الصحابة فهم بشر يخطؤون ويصيبون، لا عصمة لهم من الأخطاء، والنظرة لهم على أنهم معصومون تدخلنا في التباسات لا أول لها من آخر، وتجعل التاريخ غير واضح، ويحرم الأمة من الاستفادة من الأخطاء في ماضيها.