إنّ المتتبع القارىء لتاريخنا الإسلامي يدرك أنه قد حدث أمور وفتن بين المسلمون كان بطلها على الدوام أهل النفاق والشقاق والمنافقون الذين دخلوا الدين كراهة ، فأضمروا في نفوسهم العداوة والبغضاء اتجاه أهل السنة والجماعة ، فالإسلام حين دخل بلاد فارس منتصرا على يد الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، فتحطم إيوان كسرى وانتهى حكمه ، أصبح الذين أسلموا ظاهرا مع أضمار البغضاء والضغينة اتجاه المسلمين يتحينون بين الفينة والأخرى الفرص للنيل من هذا الدين العظيم ورجاله ، وكانت البداية حين اغتال الفارسي المجوسي أبو لؤلؤة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ففتح باب الفتنة بعده ، حتى جاء سيدنا عثمان رضي الله عنه من بعده فحكم بالحكم الراشد على منهاج الكتاب والسنة ، وقد اعترض على حكمه عدد من الخوارج على قيم الأمة ومنهجها ، فحاصروه في بيته وقتلوه غدرا ، فمات رضي الله عنه شهيدا وهو في محرابه يقرأ القرآن ، ثم حصلت فتنة بعده بين المسلمين وعندما تولى سيدنا علي ابن أبي طالب الخلافة رأى أن يقتص من قتلة عثمان ولكن بعد أن يستتب الأمر بيده ويبايعه جميع الناس ، ورأت طائفة أخرى وجب الاقتصاص من قتلة عثمان سريعا وكان من بين الصحابة الذين تبنوا هذا الرأي السيدة عائشة رضي الله عنها ، وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام رضي الله عنهما .
وفي إحدى الأيام اتفق فريق السيدة عائشة على الخروج إلى البصرة حتى يعلموا حال قتلة عثمان فيقتصوا منهم ، وقد كانت السيدة عائشة في هودج من حديد على جمل ، لذلك سميت المعركة التي حدثت بين طائفتين من المسلمين بمعركة الجمل ، وقد بينت السيدة عائشة لسيدنا علي أنها جاءت للصلح ولم تأتي لتحريض الناس على القتال ، فسعى سيدنا علي للصلح وأمر يتنظيف جيشه من قتلة عثمان ، فلم يروق هذا الأمر للفئة المنافقة فحاولت الإيقاع بين المسلمين حتى نجحت في ذلك ، فاستعرت نار الحرب بين الطائفتين وحدثت مقتلة عظيمة حتى كان الإمام علي رضي الله عنها يقول لأصحابه ياليتني مت قبل هذا بعشرين سنة ، وقد قتل في هذا المعركة غدرا اثنان من المبشرين بالجنة وهما طلحة بين عبيد الله والزبير بن العوام ، وانتهت المعركة بهزيمة فريق السيدة عائشة ، وقد أكرمها الإمام علي وارجعها آمنة مكرمة إلى المدينة .