يعتبر وضع القوانين في دول العالم على كوكب الأرض من الأساسيات التي يقوم بها كل المجتمعات الإنسانية على وجه المعمورة التي تضع العلاقات بين الحكومة والشعب في عمليات الحياة المختلفة وشؤونها، ومن العلاقات التي لا بدّ من وضع ضابط صحيح متفرد لها هي العلاقة بين الحكومة والشعب، وهي العمل الذي يقدمه عدد معين من المواطنين لقاء أجور معينة محدّدة تجاه إعطائهم أعمال محددة وواضحة من المواطنين إلى رؤساء أعمالهم، ويكون هذا متعلق بالعلاقات المالية والعلاقات الاجتماعية والإجازات وغير ذلك في الأمور الأساسية التي تنصّ على حقّ صاحب العمل والعمال الذين يؤدون الأعمال لقاء تلك الأموال التي يتقاضونها من قبل أصحاب أعمالهم.
يمكن تعريف ومعنى قانون العمل على أنّه: مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات الناشئة بمناسبة قيام شخص بالعمل لحساب آخر، وهو فرع من فروع القانون الخاص الذي يسود داخل الدولة بشكل كبير، فهو يضع كثير من الضوابط والقوانين التي تحدد مسار العمال ومسار أصحاب الأعمال المتخصصين في ذلك.
وظهر قانون العمل فعليًا مع أعقاب الثورة الصناعية التي كانت في أوروبا بعد انتهاء حقبة العصور المظلمة، فهي قوانين تمّ وضعها بعد الظلم الكبير الواقع على العمال الذين داسهم أصحاب العمل طمعًا في مصالحهم، والحصول على أرباح وأموال إضافية، فقد كان العمل بغير ضوابط وبغير شروط على العمال، فهم يقومون بأعمال إضافية كبيرة لأصحاب العمل تجاه أجور سيئة نوعا ما، وأيضًا غير مكافئة لأعمالهم التي يقومون بها، وأيضًا لا يوجد لهم إجازات تستطيع أن تريحهم من العمل الشاق، وكذلك لا يوجد ضابط لعملية الإنتاج والأمراض واصابات العمل، فكان الإقطاعيون يواجهون عمالهم بالقسوة والظلم في معاملتهم لعمالهم، والسيطرة عليهم كالعبيد بل أسوأ وأكثر شرًا، حتّى قامت ثورات العمال والفلاحين الذي يعملون لصالح أولئك الإقطاعيين، الذي تبع ذلك إصدار قانون العمل الذي يحدد فعليًا القواعد العامة التي تسير عليها الضوابط العامة من الحقوق والواجبات التي تضع الحد الأساسي بين ساعات العمل في اليوم الذي يجب على العمال البدء فيه والانتهاء به على الأعمال، ووضع حقوق وأجور مادية تتناسب مع أعمالهم ومهاراتهم والإرهاق الذي يقع على صاحب كل عمل من قبلهم.
يعتبر وضع قانون العمل من أهمّ القوانين التي ضمن حقوق الفقراء والمساكين والعمال المرهقين في أعمالهم من الصباح حتّى المساء من بداية أعمالهم وحتّى انتهائها، فهي ضمان من الدولة المالكة للقوة والسلطة لتضع القواعد الرئيسية التي تضع الحقوق والواجبات بين الطرفين، وتجلب الحق لكل صاحب حقٍ من الحقوق دون ظلم أو ازدراء أو الخطأ في الحق الذي وضعه القانون لجميع طوائف المجتمع، وللحفاظ على الحق للضعيف ومنع القوي من الاعتداء على الضعيف بدون وجه حق، فيحقّ للقوي اللجوء للقانون وطلب حقه عن طريق مؤسسات الدولة والنظام، وأيضًا الضعيف ليطلب جميع حقوقه من صاحب العمل عن طريق مؤسسات الدولة أيضًا دون فوضى وشرٍ في الدولة والنظام الصناعي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي للدولة.