" العلم بالشيء ولا الجهل به "، مثل حاضر على ألسنة العرب وغائب عن جدول أعمالهم، فهم يستخدمون هذا المثل عندما يريدون معرفة السئ كالسباب أو أساليب الوضاعة وكل ما من شأنه أن يحط من قيمة الإنسان خلقياً. ولكنهم لا يستخدمونه في معرض بحثهم عن المعلومات الجديدة أو الأفكار الإنسانية المتداولة بين الأمم الأخرى. فهم بعيدون كل البعد عما من شأنه أن يأخذ بيد الإنسان عقلاُ وروحاً وجسداً إلى القمة، وفهم أيضاً لا يعرفون إلى العلم سبيلاً إلا اللهم سبيل أن يتكسبوا من ورائه، فهم يدرسون فقط ليعملوا ويجنوا الأموال هذه هي نظرتهم للدراسة والعلم. ولا يسأل أحد عن سبب أننا في قاع الحضارات اليوم.
إن الجهل هو البيئة الخصبة لنمو النزاعات والعنصريات والقبليات والتطرف والفقر والبطالة، وهو السبب الكامن وراء التدهور الإقتصادي والإجتماعي للدول، فالإنسان الجاهل هو عالة على نفسه وعلى محيطه وعلى أمته بل وعلى البشرية أيضاً، وما أكثر الجهال في هذا العصر الذي يجب أن يتسابق فيه الناس إلى الحصول على المعلومات والتسلح بالعلم لمكافحة كل المشاكل وعيوب التي يواجهونها نظراً للإمكانيات المتاحة الهائلة التي تتواجد بين أيديهم، من تقدم تكنولوجي ومعرفي على جميع المستويات والأصعدة.
الجاهل أيضاً هو عدو نفسه، لأنه يجعل نفسه مطية سهلة للآخرين، فحالة الاستعباد التي تعيشها أمتنا اليوم لم تأت من فراغ بل بسبب تفشي الجهل بين أبنائها، فأبناء الأمة لا يدركون مدى الخطر الذي يتهددهم نتيجة بقاء الجهل متفشياً بهذه النسبة العظيمة بينهم وهو خطر كبير على كافة المستويات والأصعدة، وأخطرها على مستوى أمنهم واستقرارهم.
العلم في جوهره ولبّه هو عملية إدراك ووعي الحقائق على حقيقتها ودراسة الما هى اسباب والظواهر التي تحدث حولنا، حتى يكون قادراً على تجنب الآثار السلبية التي ستنتج عنها، او تطويرها وتلتصبح اكثر خدمة للإنسان، إضافة إلى أنه يساعد على اكتشاف المتكتشفات الجديدة التي تخدم الإنسان وتؤدي إلى تسهيل حياتهم وتطويرها. أما العلوم الإنسانية فهي التي تساعد الإنسان على فهم طبيعة الإنسان نفسه وتاريخه وشروطه التي يعيش بها والتي تتحكم به وتسيطر عليه.
وحتى يتم إنتاج العلوم بكل رغبة وحب، وحتى تستطيع هذه العلوم أن تحتل مكانها الحقيقي في الحياة، يجب عدم حجر الأفكار بأية وسيلة كانت سواء كانت سلطوية أم دينية أم مجتمعية، كما ويجب أن يتعلم الإنسان حرية التفكير منذ نعومة أظفاره، عن طريق أهل، فقمع الأطفال وإسكاتهم هو من المآسي التي تعاني منها المجتمعات والتي لا تخدم تنتشار العلوم.
تحبيب الناس بالعلم يكون بتحبيبهم بالعلم منذ نعومة أظفارهم وذلك عن طريق تحبيب المدرسة إلى قلوبهم، وتطوير أساليب الدراسة، وتوقف العنف في المدارس وتربية الأطفال تربية حسنة حتى يصبحوا أشخاصاً صالحين في مستقبلهم، يفيدون الوطن والأمة عندما يكبروا وتلقى المسؤولية على عاتقهم.