العلم
العلم بحر واسع كلما شربنا منه لا نرتوي، فكل يوم نتعلم أشياء جديدة، وعلى قدر ما أخذنا من العلم نبقى بحاجة إلى المزيد منه. جمعنا لكم في هذا المقال بعض الشعر عن طلب العلم.
شعر عن طلب العلم
- اصبر على مر الجفا من معلم
فإن رسوب العلم في نفراته
ومن لم يذق مر العلم ساعة
تجرع ذل الجهل طول حياته
ومن فاته التعليم وقت شبابه
فكبر عليه أربعا لوفاته
وذات الفتى والله بالعلم والتقى
إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته.
- من طلب العلم للمعاد
فاز بفضل من الرشاد
فنال حسنا لطالبيه
بفضل نيل من العباد
- شكوت إلى وكيع سوء حفظي
فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور
ونور الله لايهدى لعاصي.
- رأيت العلم صاحبه كريم
ولو ولدته آباء لئام
وليس يزال يرفعه إلى أن
يعظم أمره القوم الكرام
ويتبعونه في كل حال
كراعي الضأن تتبعه السوام
فلولا العلم ماسعدت رجال
ولاعرف الحلال ولا الحرام.
- فخذوا العلم على أعلامه
واطلبوا الحكمة عند الحكماء.
- واطلبوا العلم لذات العلم لا
لشهادات وآراب أخر.
- العلم كالقفل إن ألفيته عسرا
فخله ثم عاوده لينفتحا
وقد يخون رجاء بعد خدمته
كالغرب خانت قواه بعد ما متحا.
- ترك النفوس بلا علم ولا أدب
ترك المريض بلا طب ولا آس.
- إذا ما أقام العلم راية أمة
فليس لها حتى القيامة ناكس
تنام بأمن أمة ملء جفنها
لها العلم إن لم يسهر السيف حارس
حض على العلم حضوا
يا قوم فالعلم فرض
وهل يتم لشعب قد أغفل العلم نهض؟
- إذا ما العلم لابس حسن خلق
فرج لأهله خيرا كثيرا
وما إن فاز أكثرنا علوما
ولكن فاز أسلمنا ضميرا
وليس الغنى إلا غنى العلم إنه
لنور الفتى يجلو ظلام افتقاره
ولا تحسبن العلم في الناس منجيا
إذا نكبت أخلاقهم عن مناره
وما العلم إلا النور يجلو دجى العمى
لكن تزيغ العين عند انكساره
فما فاسد الأخلاق بالعلم مفلحا
وإن كان بحرا زاخرا من بحاره.
- تلقط شذور العلم حيث وجدتها
وسلها ولا يخجلك أنك تسأل
إذا كنت في إعطائك المال فاضلا
فإنك في إعطائك العلم أفضل.
- ما لي أرى التعليم أصبح عاجزا
عن أن يصح من النفوس مكسرا
عكست نتائجه فأصبح هديه
غبا وأضحى صفوه متكدرا.
- ما الفضل إلا لأهل العلم إنهم
على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقيمة المرء ما قد كان يحسنه
والجاهلون لأهل العلم أعداء
فقم بعلم ولا تطلب به بدلا
فالناس موتى وأهل العلم أحياء
العلم زين فكن للعلم مكتسبا
وكن له طالبا ما عشت مقتبسا
اركن إليه وثق واغن به
وكن حليما رزين العقل محترسا
لا تأثمن فإما كنت منهمكا
في العلم يوما وإما كنت منغمسا
وكن فتى ماسكا محض التقى ورعا
للدين منغمسا للعلم مفترسا
فمن تخلق بالآداب ظل بها
رئيس قوم إذا ما فارق الرؤسا.
- إذا كنت ذا علم وماراك جاهل
فأعرض ففي ترك الجواب جواب.
- اطلب العلم كالذباب إذا ما
طردوه يعود في كل حال
واشتغل بالمطالعات لما في
كتب العلم أنت طول الليالي
وإذا أشكلت عليك أمور سل
خبير أو لا تقف في السؤال
وإذا لم تجد خبيرا فدعها
لوجود الخبير ذي الأفضال.
- هو العلم فاركب فلك تياره العذب
فما بسوى العلم ارتقى فاضل إلى
مغاني المعالي وانثنى عالي الكعب
هو العلم للدنيا جمال ورفعة
وللدين منجاة من الريب في الرب
وخير علوم الدين تفسير وحيه
تعالى وأخبار المنزه عن عيب
هو الضامن الفوز المبين لأهله
فبذل المساعي فيه محمودة الغب
ولا بد للمرتاد وصل حسانه
لدى البحث من تذليل معضلة الصعب
ودونك سفرا موضحا لغريبه
إذا غشيت رواده حيرة الضب.
- العلم والمجد رضيعا لبان
والجهل يرمي ربه بالهوان
لا يدعي العلم امرؤ جاهل
يخاف أن يفضحه الامتحان
فهو لدى أشكاله باسل
وإن جرى البحث الشرود الجبان
بلى يقول الجاهل المدعي
العلم نور مشرق في الجنان
العلم سر الله إلهامه
في القلب لا لقلقة باللسان.
- من قاس بالعلم الثراء فإنه
في حكمه أعمى البصيرة كاذب
- العلم مبلغ قوم ذروة الشرف
وصاحب العلم محفوظ من التلف
يا صاحب العلم مهلا لا تدنسه
بالموبقات فما للعلم من خلف
العلم يرفع بيتا لاعماد له
والجهل يهدم بيت العز والشرف
- علمي معي حيثما يممت ينفعني
قلبي وعاء له لابطن صندوق
إن كنت في البيت كان العلم فيه معي
أو كنت في السوق كان العلم في السوق.
قصائد عن العلم
من جميل ما قيل في العلم، اخترنا لكم القصائد الآتية:
تفت فؤادك الأيام فتا
أبو إسحاق الإلبيري تفت فؤادك الأيام فتا
وتنحت جسمك الساعات نحتا
وتدعوك المنون دعاء صدق
ألا يا صاح أنت أريد أنتا
أراك تحب عرسا ذات غدر
أبت طلاقها الأكياس بتا
تنام الدهر ويحك في غطيط
بها حتى إذا مت انتبهنا
فكم ذا أنت مخدوع وحتى
متى لا ترعوي عنها وحتى
أبا بكر دعوتك لو أجبتا
إلى ما فيه حظك إن عقلتا
إلى علم تكون به إماما
مطاعا إن نهيت وإن أمرتا
وتجلو ما بعينك من عشاها
وتهديك السبيل إذا ضللتا
وتحمل منه في ناديك تاجا
ويكسوك الجمال إذا اغتربتا
ينالك نفعه مادمت حيا
ويبقى ذخره لك إن ذهبتا
هو العضب المهند ليس ينبو
تصيب به مقاتل ضربتا
وكنزا لا تخاف عليه لصا
خفيف الحمل يوجد حيث كنتا
يزيد بكثرة الإنفاق منه
وينقص أن به كفا شددتا
فلو قد ذقت من حلواه طعما
لآثرت التعلم واجتهدتا
ولم يشغلك عنه هوى مطاع
ولا دنيا بزخرفها فتنتا
ولا ألهاك عنه أنيق روض
ولا خدر بربربه كلفتا
فقوت الروح أرواح المعاني
وليس بأن طعمت وأن شربتا
فواظبه وخذ بالجد فيه
فإن أعطاكه الله أخذتا
وإن أوتيت فيه طويل باع
وقال الناس إنك قد سبقتا
فلا تأمن سؤال الله عنه
بتوبيخ علمت فهل عملتا
فرأس العلم تقوى الله حقا
وليس بأن يقال لقد رأستا
وضافي ثوبك الإحسان لا أن
ترى ثوب الإساءة قد لبستا
إذا ما لم يفدك العلم خيرا
فخير منه أن لو قد جهلتا
وإن ألقاك فهمك في مهاو
فليتك ثم ليتك ما فهمتا
ستجني من ثمار العجز جهلا
وتصغر في العيون إذا كبرتا
وتفقد إن جهلت وأنت باق
وتوجد إن علمت وقد فقدتا
وتذكر قولتي لك بعد حين
وتغبطها إذا عنها شغلتا
لسوف تعض من ندم عليها
وما تغني الندامة إن ندمتا
إذا أبصرت صحبك في سماء
قد ارتفعوا عليك وقد سفلتا
فراجعها ودع عنك الهوينى
فما بالبطء تدرك ما طلبتا
ولا تحفل بمالك واله عنه
فليس المال إلا ما علمتا
وليس لجاهل في الناس معنى
ولو ملك العراق له تأتى
سينطق عنك علمك في ندي
ويكتب عنك يوما إن كتبتا
وما يغنيك تشييد المباني
إذا بالجهل نفسك قد هدمتا
جعلت المال فوق العلم جهلا
لعمرك في القضية ماعدلتا
وبينهما بنص الوحي بون
ستعلمه إذا طه قرأتا
لئن رفع الغني لواء مال
لأنت لواء علمك قد رفعتا
وإن جلس الغني على الحشايا
لأنت على الكواكب قد جلستا
وإن ركب الجياد مسومات
لأنت مناهج التقوى ركبتا
ومهما افتض أبكار الغواني
فكم بكر من الحكم افتضضتا
وليس يضرك الإقتار شيئا
إذا ما أنت ربك قد عرفتا
فما عنده لك من جميل
إذا بفناء طاعته أنختا
فقابل بالقبول صحيح نصحي
فإن أعرضت عنه فقد خسرتا
وإن راعيته قولا وفعلا
وتاجرت الإله به ربحتا
فليست هذه الدنيا بشيء
تسوؤك حقبة وتسر وقتا
وغايتها إذا فكرت فيها
كفيئك أو كحلمك إن حلمتا
سجنت بها وأنت لها محب
فطريقة كيف تحب ما فيه سجنتا
وتطعمك الطعام وعن قريب
ستطعم منك ما منها طعمتا
وتعرى إن لبست لها ثيابا
وتكسى إن ملابسها خلعتا
وتشهد كل يوم دفن خل
كأنك لا تراد بما شهدتا
ولم تخلق لتعمرها ولكن
لتعبرها فجد لما خلقتا
وإن هدمت فزدها أنت هدما
وحصن أمر دينك ما استطعتا
ولا تحزن على ما فات منها
إذا ما أنت في أخراك فزتا
فليس بنافع ما نلت فيها
من الفاني إذا الباقي حرمتا
ولا تضحك مع السفهاء لهوا
فإنك سوف تبكي إن ضحكتا
وطريقة كيف لك السرور وأنت رهن
ولا تدري أتفدى أم غلقتا
وسل من ربك التوفيق فيها
وأخلص في السؤال إذا سألتا
وناد إذا سجدت له اعترافا
بما ناداه ذو النون بن متى
ولازم بابه قرعا عساه
سيفتح بابه لك إن قرعتا
وأكثر ذكره في الأرض دأبا
لتذكر في السماء إذا ذكرتا
ولا تقل الصبا فيه مجال
وفكر كم صغير قد دفنتا
وقل لي يا نصيح لأنت أولى
بنصحك لو بعقلك قد نظرتا
تقطعني على التفريط لوما
وبالتفريط دهرك قد قطعتا
وفي صغري تخوفني المنايا
وما تجري ببالك حين شختا
وكنت مع الصبا أهدى سبيلا
فما لك بعد شيبك قد نكستا
وها أنا لم أخض بحر الخطايا
كما قد خضته حتى غرقتا
ولم أشرب حميا أم دفر
وأنت شربتها حتى سكرتا
ولم أحلل بواد فيه ظلم
وأنت حللت فيه وانهملتا
ولم أنشأ بعصر فيه نفع
وأنت نشأت فيه وما انتفعتا
وقد صاحبت أعلاما كبارا
ولم أرك اقتديت بمن صحبتا
وناداك الكتاب فلم تجبه
ونهنهك المشيب فما انتبهتا
ليقبح بالفتى فعل التصابي
وأقبح منه شيخ قد تفتى
فأنت أحق بالتفنيد مني
ولو سكت المسيء لما نطقتا
ونفسك ذم لا تذمم سواها
بعيب فهي أجدر من ذممتا
فلو بكت الدما عيناك خوفا
لذنبك لم أقل لك قد أمنتا
ومن لك بالأمان وأنت عبد
أمرت فما ائتمرت ولا أطعتا
ثقلت من الذنوب ولست تخشى
لجهلك أن تخف إذا وزنتا
وتشفق للمصر على المعاصي
وترحمه ونفسك ما رحمتا
رجعت القهقرى وخبطت عشوا
لعمرك لو وصلت لما رجعتا
ولو وافيت ربك دون ذنب
وناقشك الحساب إذا هلكتا
ولم يظلمك في عمل ولكن
عسير أن تقوم بما حملتا
ولو قد جئت يوم الفصل فردا
وأبصرت المنازل فيه شتى
لأعظمت الندامة فيه لهفا
على ما في حياتك قد أضعتا
تفر من الهجير وتتقيه
فهلا عن جهنم قد فررتا
ولست تطيق أهونها عذابا
ولو كنت الحديد بها لذبتا
فلا تكذب فإن الأمر جد
وليس كما احتسبت ولا ظننتا
أبا بكر كشفت أقل عيبي
وأكثره ومعظمه سترتا
فقل ما شئت في من المخازي
وضاعفها فإنك قد صدقتا
ومهما عبتني فلفرط علمي
بباطنتي كأنك قد مدحتا
فلا ترض المعايب فهي عار
عظيم يورث الإنسان مقتا
وتهوي بالوجيه من الثريا
وتبدله مكان الفوق تحتا
كما الطاعات تنعلك الدراري
وتجعلك القريب وإن بعدتا
وتنشر عنك في الدنيا جميلا
فتلفى البر فيها حيث كنتا
وتمشي في مناكبها كريما
وتجني الحمد مما قد غرستا
وأنت الآن لم تعرف بعاب
ولا دنست ثوبك مذ نشأتا
ولا سابقت في ميدان زور
ولا أوضعت فيه ولا خببتا
فإن لم تنأ عنه نشبت فيه
ومن لك بالخلاص إذا نشبتا
ودنس ما تطهر منك حتى
كأنك قبل ذلك ما طهرتا
وصرت أسير ذنبك في وثاق
وطريقة كيف لك الفكاك وقد أسرتا
وخف أبناء جنسك واخش منهم
كما تخشى الضراغم والسبنتى
وخالطهم وزايلهم حذارا
وكن كالسامري إذا لمستا
وإن جهلوا عليك فقل سلاما
لعلك سوف تسلم إن فعلتا
ومن لك بالسلامة في زمان
ينال العصم إلا إن عصمتا
ولا تلبث بحي فيه ضيم
يميت القلب إلا إن كبلتا
وغرب فالغريب له نفاق
وشرق إن بريقك قد شرقتا
ولو فوق الأمير تكون فيها
سموا وافتخارا كنت أنتا
وإن فرقتها وخرجت منها
إلى دار السلام فقد سلمتا
وإن كرمتها ونظرت منها
بإجلال فنفسك قد أهنتا
جمعت لك النصائح فامتثلها
حياتك فهي احسن وأفضل ما امتثلتا
وطولت العتاب وزدت فيه
لأنك في البطالة قد أطلتا
فلا تأخذ بتقصيري وسهوي
وخذ بوصيتي لك إن رشدتا
وقد أردفتها ستا حسانا
وكانت قبل ذا مئة وستا.
على العلم نبكي إذا اندرس العلم
ابن مشرف
على العلم نبكي إذ قد اندرس العلم
ولم يبق فينا منه روح ولا جسم
ولكن بقي رسم من العلم دارس
وعما قليل سوف ينطمس الرسم
فآن لعين أن تسيل دموعها
وآن لقلب أن يصدعه الهم
فإن يفقد العلم شرا وفتنة
وتضيع دين أمره واجب حتم
وما سائر الأعمال إلا ضلالة
إذا لم يكن للعالمين بها علم
وما الناس دون العلم إلا بظلمة
من الجهل لا مصباح فيها ولا نجم
فهل يهتدي إلا بنجم سمائه
إذا ما بدا من أفقه ذلك النجم
فهذا أوان القبض للعلم فلينح
عليه الذي في الحب كان له سهم
فليس بمبقى العلم كثرة كتبه
فماذا تفيد الكتب إن فقد الفهم
وما قبضة إلا بموت وعاته
فقبضهم قبض له وبهم ينمو
فجد وأد الجهد فيه فإنه
لصاحبه فخر وذخر به الغنم
فعار على المرء الذي تم عقله
وقد أملت فيه المروءة والحزم
إذا قيل ماذا أوجب الله يا فتى
أجاب بلا أدري وإني لي العلم
وأقبح من ذا لو أجاب سؤاله
بجهل فإن الجهل مورده وخم
أيرضى بأن الجهل من بعض وصفه
ولو قيل ياذا الجهل فارقه الحلم
فطريقة كيف إذا ما البحث من بين أهله
جرى وهو بين القوم ليس له سهم
تدور بهم عيناه ليس بناطق
فغير حرى أن يرى فاضلا قدم
ما العلم إلا كالحياة إذا سرت
بجسم حي والميت من فاته العلم
وكم في كتاب الله من مدحة له
يكاد بها ذو العلم فوق السهى يسمو
وكم خبر في فضله صح مسندا
عن المصطفى فاسأل به من له علم
كفى شرفا للعم دعوى الورى له
جميعا وينفى الجهل من قبحه الفدم
فلست بمحص فضله أن ذكرته
فقد كل عن أحصائه النثر والنظم
فيا رافع الدنيا على العلم غفلة
حكمت فلم تنصف ولم يصب الحكم
أترفع دنيا لا تساوي بأسرها جناح
بعوض عند ذي العرش يا فدم
وتؤثر أصناف الحطام على الذي
به العز في الدارين والملك والحكم
وترغب عن إرث النبيين كلهم
وترغب في ميراث من شأنه الظلم
وتزعم جهلا ان بيعك رابح
فهيهات لم تربح ولم يصدق الزعم
ألم تعتبر بالسابقين فحالهم
دليل على أن الأجل هو العلم
فكم قد مضى من مترف متكبر
ومن ملك دانت له العرب والعجم
فبادوا فلم تسمع لهم قط ذاكرا
وإن ذكروا يوما فدكرهم الذم
وكم عالم ذي فاقه ورثاثة
ولكنه قد زانه الزهد والعلم
حيا ما حيا في طيب عيش ومذ قضى
بقى ذكره في الناس إذ فقد الجسم
فكن طالبا للعلم حق طلابه
مدى العمر لا يوهنك عن ذلك السأم
وهاجر له في أرض ولو نأت
عليك فأعمال المطى له حتم
وأنفق جميع العمر فيه فمن يمت
له طالب نال الشهادة لا هضم
فإن نلته فليهنك العلم أنه
هو الغاية العلياء ولذة الجسم
فلله كم تفتض من بكر حكمة
وكم درة تحظو بها وصفها اليتم
وكم كاعب حسناء تكشف خدرها
فيسفر عن وجه به يبرأ السقم
فتلك التي تهوى ظفرت بوصلها
لقد طال ما في حبها نحت الجسم
فعانق وقبل وارتشف من رضابها
فعدلك عن وصل الحبيب هو الظلم
فجالس رواة العلم واسمع كلامهم
فكم كلم منهم به يبرأ الكلم
وإن أمروا فاسمع لهم وأطع فهم
أولوا الأمر من شأنه الفبك والظلم
مجالسهم مثل الرياض أنيقة
لقد طاب منها اللون والريح والطعم
أتعتاض عن تلك الرياض وطيبها
مجالس دنيا حشوها الزور والإثم
فتعرف على ما هى إلا كالمزابل موضعا
لكل أذى لا يستطاع له شم
فدر حول قال الله قال رسوله
وأصحابه أيضا فهذا هو العلم
وما العلم آراء الرجال وظنهم
ألم تدر أن الظن من بعضه الإثم
وكن تابعا خير القرن ممسكا
بآثارهم في الدين هذا هو الحزم
وأفضلهم صحب النبي محمد
فلولاهم لم يحفظ الدين والعلم
ولولاهم كان الورى في ضلالة
ولكن كلا منهم للهدى نجم
فآمن كإيمان الصحابة وارضه
فمنها جهم فيه السلامة والغنم
وإياك أن تزور عنه إلى الهوى
ومحدث أمر ماله في الهدى سهم
فإيماننا قول وفعل ونية
فيزداد بالتقوى وينقصه الإثم
فنؤمن أن الله لا رب غيره
له الملك في الدارين والأمر والحكم
فليس له ولد ولا والد ولا
شريك ولا يعروه نقص ولا وصم
إله قديم أول لا بداية
له آخر يبقى فليس له حسم
سميع بصير قادر متكلم
مريد وحي لا يموت له العلم
وإيماننا بالاستواء استوائه
تعالى على عرش السما واجب حتم
فأثبته للرحمن غير مكيف
له وتعالى أن يحيط به العلم
ومن حرف النص الصريح مؤولا
فقد زاغ بل قد فاته الحق والحزم
وما الحزم إلا أن تمر صفاته
كما ثبتت لا يعتريك بها وهم
قراءتها تفسيرها عند من نجا فذر
نك ما قد قاله الجعد والجهم
وإن جنان الخلد تبقى ومن بها
وليس لما فيها انقطاع ولا حسم
ورؤية سكان الجنان لربهم
تبارك حق ليس فيها لهم وهم
كرؤيتهم للبدر ليل تمامه
أو الشمس صحوا لا سحاب ولا قتم
فيا رب فاجعلني لوجهك ناظرا
غدا ناظرا فيما به ينعم الجسم
وإن ورود الحوض حوض محمد
لأمته حق به يجب الجزم
فما اللبن الزاكي يضاهي بياضه
وما العسل الصافي مع اللبن الطعم
ولكنه أنقى بياضا وطعمه
من الكل أحلى والعبير له ختم
وكيزانه مثل النجوم لنورها
وكثرتها جدا فهل يحسب النجم
عليه نبي الله يدرأ كل من
أتى من سوى اتباعه ولهم وسم
فأمته تأتيه كل محجل أغر
وأما من سواهم فهم دهم
وعنه رجال مسلمون تذودهم
ملائك لما بدلوا فبدا الجرم
فيا رب هب لي شربة من زلاله
فمن يشربن من ذلك الحوض لا يظمو
وإن عذاب النار حق أعاذنا
إله الورى منها فتعذيبها غرم
أعدت لأهل الكفر دار إقامة
إذا نضجت أجسامهم بدل الجسم
ولم يبق فيها من توفي موحدا
بإجرامه حتى ولو عظم الجرم
وإن لخير المرسلين شفاعة
بها المصطفى من بين أقرانه يسمو
وذلك أن الخلق يشتد كربهم
ليوم به المولود تذهله الأم
فيأتون كل المرسلين ليشفعوا
إلى الله في فصل القضا والقضا الحكم
فيحجم كل عن شفاعته لهم
سوى من به للمرسلين جرى الختم
فيأتونه والدمع منهم جرى دما
وكم زفرات منهمو هاجها الهم
ينادونه يا خاتم الرسل هل ترى
إلى خطبنا بل عندك الخبر العلم
لقد طال هذا الموقف الصعب أمره
علينا فأوهى الجسم بل وهن العظم
وقد طال يا خير العباد انتظارنا
ومن شأن مولانا الأناءة والحلم
فكم ألف عام قد وقفنا بضعفنا
جياعا ظماء ضرنا الضنك والسأم
فيا ليتنا متنا ففي الموت راحة
ويا ليتها لم تبعث الروح والجسم
سل الله يفصل بيننا بقضائه
وإن لم تجب فالويل للخلق والغم
فمن رد خير المرسلين أنا لها
فطيبوا نفوسا وليزل عنكم الهم
فيشفع فيهم وهو خير مشفع
فينزل من رب الورى لهم الحكم
فما ظالم إلا ويجزى بظلمه
وما محسن إلا يوفى ولا هضم
فشفعه اللهم فينا بموتنا
على ملة الإسلام يا من له الحكم
وصل إله العالمين مسلما
على من به للأنبياء جرى الختم
كذا الآل والأصحاب ما قال قائل
على العلم نبكي إذ قد اندرس العلم.