العولمة هو مصطلح جديد مُوَلَّد مشتق من العَالَم، وليس له ذكر في المعاجم القديمة، وقد أقره مجمع اللغة العربية في القاهرة، ومصطلح العولمة هو الترجمة الأشهر للمصطلح المقابل في الإنجليزية: (Globalization)، ويوجد من يترجمه بالكوكبة أو الكونية وغيرها من المصطلحات، وأشار الكثير من الباحثين إلى أن المعنى المجرد لمصطلح العولمة هو: تعميم شيء معين في العالم أجمع، أو السيطرة على العالم كلّه بجعله يجري على نسق واحد.
ولكن عندما نريد أن نعرّف العولمة بشكل تفصيلي واضح قد نقع في حيرة، إذ أن هناك تعريفات كثيرة ومتنوعة رددها الكثير من المفكّرين والباحثين، ولا تكاد تجد فيها تعريفًا جامعًا مانعًا، فهناك من عرفها من منظور إقتصادي، وهناك من عرّفها من منظور سياسي، ومنهم من عرفها من منظور اجتماعي وثقافي، ومنهم من قال بأنّها ثورة تكنولوجية، ولكن التعريف ومعنى الذي يجمع بين كل هذه التعريفات ويوضح المقصود بالعولمة كتعرف على ما هى واقعة في زمانا هو أنّ العولمة: هي التوجّه للسيطرة على العالم عن طريق تعميم نمط الحضارة الغربية عليه في المجالات السياسة والإقتصادية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية. ولعل أبرز مجالات العولمة هي العولمة الإقتصادية.
ذهب الكثير من الباحثين إلى أنّ النشأة الفعلية والملموسة للعولمة قد كانت في تسعينيات القرن الماضي، وخاصّةً بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، وسقوط جدار برلين، وانهيار النّظام الاشتراكي في العالم، وتفرد الولايات المتحدة الأمريكية بالسيطرة على العالم، حتى أن البعض من الباحثين يعتبرون أنّ العولمة ليست إلا (أمركة)، بالإضافة لثورة التكنولوجيا والإتصالات والإنترنت، فكل هذه العوامل أدّت إلى نمو العولمة بشكل متسارع إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه في أيامنا هذه.
إنّ للعولمة الكثير من الآثار السلبيّة التي أصابت العالم الإسلامي، فالعولمة ليست إلا شكلًا جديداً من أشكال الإستعمار الغربي يَهْدف إلى تعميم نمط الحضارة الغربية على العالم بكل ما فيه من سلبيّات، من دون أي اعتبار للدين والقيم والأخلاق والعادات والتقاليد، فقد أصبحت الديمقراطية المخالفة للإسلام نمطًا سياسياً سائداً في كل الدول تقريباً. ومن مظاهر العولمة في النّاحية الإقتصادية سيطرة الشركات العملاقة على الإقتصاد العالمي، وتحرر التجارة العالمية، وشيوع الرّأسمالية الغربية في كل العالم. ومن الناحية الاجتماعية والثقافية أصبحت ثقافة الغرب وحياته وعاداته وتقاليده فاشية بيننا في نواحي كثيرة، كاللباس والطعام والشراب ونمط التّفكير وطرق ووسائل العيش، وأصبحت اللغة الإنجليزية تزاحم اللغات الأخرى في العالم، حيث تخلّى الكثيرون عن لغتهم الأم واعتنقوا الإنجليزية التي صارت اللغة الرسمية في الكثير من بلدان العالم، وكذلك الإنفتاح والتحرّر في حركة الأشخاص والبضائع والخدمات والمعلومات بين الدول، حتى أصبح العالم أشبه ما يكون بالقرية الصغيرة، وقد عزز هذا الأمر ثورة التكنولوجيا والإتصالات.