بيت المقدس أو القدس، مهد الأديان ومهبط الأنبياء، ومسرى الرسول الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - هي التي تعبر عن مقدار الظلم في الأرض، فإذا كانت القدس بخير كانت الأرض في عمومها بخير، أما إن كانت مضطهدة فنسبة الظلم في الأرض مرتفعة، لذا تتجه الأنظار إليها باستمرار من اتباع الديانات جميعاً نظراً لما تحتويه من أهمية وفائدة تاريخية ودينية، تفرَّدت وحدها بالتفضيل، هي عاصمة دولة فلسطين، التي تقبع تحت الاحتلال الصهيوني منذ عام 1948، والتي يتعرض أهلها لمقدار كبير من الاضطهاد والتنكيل بهم ومصادرة حرياتهم، على مرأى ومسمع من العالم كله. القدس هي الأرض التي باركها الله منذ القدم والتي بارك ما حولها.
تعاقبت على القدس وفلسطين العديد من الحضارات التاريخية الهامة إذ إنَّ تاريخها يزيد على أكثر من 5000 سنة، حيث بدأت هذه الحضارات بالعهد الكنعاني في الفترة ما بين 3000 ق.م إلى 2800 ق.ل مع بدء هجرة العرب الساميون إليها، ثمَّ تأسست القدس عام 2600 ق.م. ثم جاء اليبوسيون والذي استطاع الملك داود أخذها منهم، واتخذ منها عاصمة لمملكته، ثم جاء نبوخذ نصر الذي أخذ القدس من اليهود، وسباهم إلى بابل فيما يعرف تاريخياً بالسبي البابلي. بعد ذلك عاد اليهود إلى فلسطين والقدس بد مجئ قورش الأكبر. بعد ذلك تعاقب أمم على القدس إلى أن جاءت الامبراطورية الرومانية، والتي أخذت فلسطين والقدس من مملكة يهوذا، حيث استمرت المشاحنات والحروب بين اليهود والرومان، إلى أن استقرت نسبياً للرومان، ثم جاء الروم البيزنطيون، الذين حولوا المسيحية إلى الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية، على يد الإمبراطور قسطنطين الأول، والذي أمر أيضاً ببناء وتشييد عدد من المعالم المسيحية داخل القدس. بعد ذلك دخلت الإمبراطورية الرومانية في حروب مع الفرس، إلى أن جاء الاسلام وفتحت دولة الفرس، ثم بدأ الزحف الإسلامي إلى الإمبراطورية الرومانية، حتى استطاع العرب والمسلمون فتح بلاد الشام، فدخلت جيوش الخليفة عمر بن الخطاب مدينة القدس و أعطى الأمان لأهلها فيما عرف بالعهدة العمرية. ثم جاءت الدولة الأموية فالعباسية، بعد ذلك بدأت جيوش الفرنجة (الصليبين) بالهجوم على القدس وفلسطين حتى استطاع الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي استعادة القدس منهم، تلاه المماليك والذين استطاعوا إكمال تحرير باقي المدن الفلسطينية، ثم جاءت الدولة العثمانية، والتي فرضت هيمنتها على المنطقة بأسرها حتى انتهائها في بدايات القرن العشرين.
بعدها بدأت مرحلة الإنتداب البريطاني إلى أن تأسس الكيان الصهيوني عام 1948، وبدأت رحلة النضال والكغاح العربي الفلسطيني في محاولة لاستعادة الأرض وتحريرها، لتعود القدس شاهدةً على التسامح والسَّلام على مدى العصور والأزمان.