يُعدّ الصّدق من أشرف الفضائل النفسيّة الإنسانيّة ، فهو بذرة صالحة تُغرس في نفس الإنسان فتقتلع الصفات السيّئة لتثمر ثقة الناس بنا ، فهو تأسيس لأخلاق حميدة حسنة تكون كمصباح يدّل على طريق الحقّ لا نتعثّر باجتيازه مهما كان وعراً ، فهو كلّ الطمأنينة والمنجاة ، لما له من آثارٍ جليلة في حياة الفرد والمجتمع أيضاً. الصّدق هو النّطق بالحقّ بعد اعتقاده ، وإرسائه على الواقع ، والعمل به ، والمتّصف بالصّدق يُشار إلى أخلاقه العظيمة وبساطته الفطريّة ، وإيمانه ومنزلته بين أهله ، خالٍ من الرّياء والتملّق ، ديدنه الصّراحة الحقيقيّة بعيداً عن المراوغة والدهاء . فالصّدق هو عكس الكذب . الصّدق هو طريق النجاح والنّصر ، ونافذة المقامات العليا ، وبوابة المنزلة الرّفيعة ، وهو كلّ المواقف الخالية من التصنّع والتكلّف والحِيَل . وقد عرّف مالك بن دينار الصّدق حيث قال : "الصّدق أن لا يكذب اللّسان" .
أنواع الصّدق:
- أن تكونَ صادقاً مع الله : حيث تكون مخلصاً في طاعتك وأعمالك لله.
- أن تكون صادقاً مع نفسك : حيث تعترف بأخطائك ولا تخدع نفسك.
- أن تكون صادقاً مع النّاس : حيث تكون صادقاً معهم في لسانك وفي مشاعر قلبك أيضاً.
قال تعالى :
(يا أيّها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصّادقين) [التوبة: 119].
(ومن أصدق من الله قيلا) [النساء: 122].
(هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله) [الأحزاب: 22].
وعرّف الصّدق بأنّه خلق الأنبياء ، وإنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد عرف قبل بعثته بأنّه الصّادق الأمين ، فعرف عنه قوله : "إن الصّدق يهدي إلى البرّ" وأيضاً : "وإنّ الرّجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً" (متفق عليه).
وعند نزول الوحي عليه قالت له السيّدة خديجة * رضي الله عنها * "إنّك لَتَصْدُقُ الحديث".
وقال أيضاً صلّى الله عليه وسلّم : (تحروا الصّدق وإن رأيتم أن فيه الهَلَكَة ، فإن فيه النجاة) [ابن أبي الدنيا].
وقال تعالى يثني على أنبيائه :
(وأذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقاً نبياً) [مريم : 41].
(واذكر في الكتاب إسماعيل إنّه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً) [مريم : 54].
(واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقاً نبياً) [مريم : 56].
(يوسف أيها الصديق) [يوسف : 46].
وقد لقّب أبو بكر رضي الله عنه بالصدّيق لتصديقه لكل ما جاء به الرسول الكريم ، ولصدق حديثه.
يبقى أن نقول إنّ الصدق هو كلّ الاستقامة في النفس البشرية ، ورمز صلاحها ، ولا ننسى أنّ جميع الأنبياء كانوا صادقين ، فكان الصّدق شعارهم، وإظهار الحقيقة همّهم، ولا ننسى مواعظ السيّد المسيح عليه السلام حيث كان يختمها بجملته الشهيرة : (الحقّ الحقّ أقول لكم)... لنجد تكراره لكلمة الحقّ تأكيداً صريحاً لأهميّة الصّدق في القول.
المصادر:
1* منتدى الرأي الحر للثقافة.
2* مجلّة المعرفة * مطبوعات وزارة الثقافة * سوريا * العدد 22 * 1977.