يعدّ الشكر لله من أعظم ما يعبر به الإنسان لربه عز وجّل عن نعمه ؛ فعندما ينعم الله علينا من نعمه الكثيرة كشفاء مريض أو رزق بمولود ، أو عندما يدفع الله عنه نقمة ، أو حصلت للمسلم نعمة خاصة فإنّ أوّل ما يفكر به العبد المؤمن أن يسجد لربه شكراً له وحمداً على نعمه الجليلة. وسجود الشكر هو ليس من الصلاة المفروضة ولا من صلاة السنة . طريقة السجود كصفة سجود التلاوة، وكان النبي "صّلى الله عليه وسلّم " يسجد شكر لله في كل مرة بها يشعر بنعمة أو اندفاع عن الشر ، " فعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: سجد النبي "صلّى الله عليه وسلّم" فأطال السجود ثم رفع رأسه، فقال: "إنّ جبريل أتاني فبشرني فسجدت لله شكراً " رواه أحمد والحاكم .
وممّا لا شكّ فيه أنّ للسجود فوائد جمّة وحكم كثيرة تعود على من يفعلها ويؤديها، فالسجود له قدرة سحرية عجيبة في تفريغ الشحنات السلبية الزائدة في الجسم إلى الأرض عن طريق الدماغ، وهذا يفيد البدن والصحة كثيراً، كما ورد في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: "أقرق ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد فأكثروا من السجود"، ومن له بأن يترك هذه النعمة التي أنعمها الله علينا، بأن أوجد لنا ما يريح قلوبنا ويثلج صدورنا!!
وتختلف السجدة عن الصلاة العادية المفروضة، فالسجدة كلمة شكر لله بالقلب واللسان والجوارح ، بينما الصلاة تكون عن طريق الوقوف استقبال القبلة ، والصلاة المعروفة عن رسول الله صل الله عليه وسلم ، ولا يشترط في السجدة الطهارة وستر العورة ومنها : الحجاب للمرأة ، ولم يشرع لها الاصطفاف ، كما يشترط للصلاة بستر العورة واستقبال القبلة ، وغيرها ، ومن الأحاديث التي رويت عن النبي صل الله عليه وسلم ودلت على أنه لم يكن يتطهر لهذا السجود ، " أنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَاءَهُ أَمْرُ سُرُورٍ أَوْ بُشِّرَ بِهِ خَرَّ سَاجِدًا شَاكِرًا لِلَّهِ " رواه الترمذي " . كما أنه لا يجب على الإنسان أن يخرّ ساجداً لشكر الله دون سبباً بذلك ، فقد يحدث بدعة في هذا الأمر ، ولم يرد عن النبي "صلّى الله عليه وسلّم" ذلك فالاحسن وأفضل أن نبتعد عن البدع .
وكما ذكرنا أن سجدة الشكر تأتي عند النعم ، أو اندفاع النقمة عن الإنسان المؤمن ، فيبدأ الأنسان بالتكبيرة الأولى فقط ، ومن ثم يخرّ ساجداً لله ثم يدعو لله بعد قول سبحان ربي الله الأعلى ، وهناك أدعية تستخدم من العلماء والأدعية المنقولة عن النبي "صلّى الله عليه وسلّم" منها ، " اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ ، وبك آمنت، وَلَكَ أَسْلَمْتُ ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ " . ثم ادع الله بما تحب ، ونسأل الله أن يعلمنا من علمه وأن يزيدنا الخشوع والفقه في الدين . فكن من الشاكرين الحامدين لله على نعمه ودفعه للنقم، حتى ينعم الله عليك بتعرف ما هو أكثر فأكثر.