إنّ طير الصاف هو طيرٌ ذو ارتباطٍ ومدلولٍ ديني، خصوصاً عند أتباع المذهب الشيعي، ويكاد يكون طيراً أسطوريّاً من نسج الخيال والأساطير والحكايات التي دارت حوله، وربّما يكون هو أحد الطيور العديدة المعروفة التي تعيش في بيئتنا وفي منطقتنا، ولكن لم يتمّ علمياً تحديد أي منها هو طير الصاف، فربّما يكون طير الصاف هو أحد أنواع الحمام أو العصافير التي تعيش في ربوعنا، وكلّ الروايات والقصائد والأناشيد الدينيّة الشيعية والتي نسجت حوله لم تحدّد شكله أو لونه أو صفاته، وإنّما تحدّثت عنه بشكلٍ عام؛ حيث نجد أنّ جميع الطيور تشترك في مدلولات وتفاصيل هذا الشكل تقريباً.
ونجزم أنّ طير الصاف المذكور هو أحد أنواع الطيور التي تطير؛ أي تلك الطيور التي تستطيع الطيران، فليس كل طير بإمكانه أن يطير؛ فالنعامة لا تطير، ولا البطريق، والدجاجة بالكاد تستطيع الارتفاع عن الأرض لطرق وخطوات قليلة إلى الأمام، ثمّ تعود للجري على ساقيها، ونعلم أيضا من الأناشيد المرويّة حوله أنّه طائر صغير الحجم ووديع، فنستطيع بذلك أن نستثني النسور والصقور من لائحة الاختيارات كونها طيور كبيرة الحجم ومفترسة، ويبدو أنّ إطلاق لفظة الصاف عليه جاءت منحوتةً من لفظة الصفاء، سواء فيما يتعلّق بصفاء الروح أو اللون، أو ربّما جاءت في ذات الوقت نحتاً عن لفظة الصفو، والتي تعني الهدوء والوداعة والاطمئنان والوئام والسلام، وبذلك يكتسب هذا الطائر بعداً دينيّاً روحانيّا صرفاً، ونجد أنّ هناك العديد من الطيور الّتي تحمل هذه الصفة؛ بل إنّ الطيور بمعظمها باستثناء ما ندر منها تبعث على الحنان والانسجام والوئام والأنس والاستسلام والسلام ، وقلّما نجد لهذا الطير ذِكراً ذا شأنٍ باستثناء ما نجد حوله في الرادوديات واللطميات الشيعيّة فقط، أو فيما انبثق عنها من أقاصيص شعبيّة، فسوى ذلك يستحيل على الباحث أن يجد وصفاً علميّاً في أيّ علم يختص في علم الطيور أو الحيوانات بشكل عام.
وربّما تجد أقواماً من شعوب منطقتنا يجمعون على أنّ طير الصاف هو الحسون، في نفس الوقت الّذي ترى فيه شريحة أخرى تتّفق على أن طير الصاف هو الحمام الأبيض لا طير سواه، وربّما تجد في الشريحة نفسها معلومات تتضارب حوله؛ فحين تجد أنّ الأب يعتقد أنّه البلبل، تجد أنّ ابنه مقتنع تمام القناعة بأنّه العصفور الأزرق لا شيئاً آخر سواه. ومهما اختلفت وتناقضت حول هذا الطير الروايات والصفات، فمن المؤكّد أنّه أحد الطيور الوديعة التي تعيش في ربوع منطقتنا العربيّة .