يعتبر كتاب رجال حول الرّسول من الكتب القيّمة والممتعة لكلّ مسلمٍ ينشد التّعرف على سيرة صحابة رسول الله رضوان الله عليهم، فقد تلقّى كثيرٌ من النّاس والأدباء هذا الكتاب بكثيرٍ من القبول والرّضا بسبب الأسلوب المشوّق والممتع لكاتبه، فقد بدأه بكتابة مقدّمة عن النبّي عليه الصّلاة والسّلام، ثمّ أتبعها بكتابة سيرة ستّين صحابيّا من خيرة الصّحابة، وقد سرد الكاتب سيرة كلّ صحابيّ بأسلوبٍ مختصر؛ حيث ذكر السّمة التي تميّز بها بين الصّحابة، كما لخّص سيرة حياته مبيّنًا موجزًا عن المواقف التي تجلّت فيها شخصيّة هذا الصحابي بشكلٍ كبير، وقد اتسم هذا الكتاب بالسّهولة في الطّرح وبساطة التّعبير واللّغة التي تصلّ إلى القارىء فيفهمها من غير معجمٍ أو تفسير، حتّى عدّ هذا الكتاب بحقّ من أورع كتب السّيرة التي تناولت حياة الصّحابة رضوان الله عليهم.
مؤلف كتاب رجال حول الرسول
ولد خالد محمد خالد مؤلّف كتاب رجال حول الرّسول في قرية العدوة في محافظة الشّرقيّة، وقد حرص أبوه منذ صغره على تعليمه وتنشئته على القرآن وعلوم اللغة العربيّة، وقد حفظ القرآن الكريم وأتمّ حفظه صغيرًا على يد أخوه الشّيخ حسين الّذي لازمه عندما كان في القاهرة، وبعد ذلك دخل خالد المعهد الابتدائي في الزّقازيق، ثمّ المعهد الثّانوي الأزهري، وقد أبدى خالد تميّزاً بين أقرانه؛ حيث أكمل دراسة الشّريعة في كليّة الأزهر الشّريف، ونال رخصة التّدريس منه عام 1948 ميلادي ليعمل بعد تخرّجه في وزارة التّربية والتعليم، ثمّ وبتكليفٍ من الرّئيس جمال عبد الناصر أصبح مستشارًا في وزارة الثقافة للإشراف على إحدى مشاريعها، وهو مشروع الألف كتاب؛ حيث قام بالتّعاون مع عددٍ من الكتاب والأدباء منهم نجيب محفوظ لاختيار عددٍ من العناوين وترجمتها، ثمّ اختير عضوًا في المجلس الأعلى للفنون، ثمّ اختار أخيرًا في سنة 1976 ميلادي التّفرغ للكتابة والتّأليف بعيدًا عن تولّي المناصب.
وقد كانت حياة خالد محمّد خالد مليئةً بالأحداث والمنعطفات الفكريّة، وقد أحدث تأليفه لكتاب من هنا نبدأ جدلًا كبيرًا على السّاحة الفكريّة حينئذٍ؛ حيث طرح فيه فكرة فصل الدّين عن الدّولة مخالفًا بذلك فكر كبرى الجماعات الإسلاميّة وقتئذٍ وهم الأخوان المسلمون، وقد لاقى هذا الكتاب انتشارًا واسعًا وطبع أكثر من طبعة خلال وقت قصير، كما ترجم إلى عدّة لغات، وقد رجع خالد عن أفكار هذا الكتاب ليفنّدها في كتابه الدّولة في الإسلام، وليؤكّد على حقيقة أنّ الإسلام هو دينٌ ودولةٌ معً. وقد وافت خالد محمّد خالد المنيّة بعد صراعٍ مع المرض؛ حيث توفّي في اليوم التّاسع والعشرين من فبراير سنة 1996 ميلادي .