لقد خلق الله الكون كلّه ووضع فيه موازين العدل والصراط المستقيم، وخلق من بعدها الإنسان ونفخ فيه الروح التي تحمل الفطرة السليمة النقية التي لا تشوبها شائبة والتي تحمل العدل الذي وضعه الله عز وجل فيها فهو العادل الذي لا نبتغي العدل المطلق إلا عنده من بعد رحمته عز وجل.
والرحمة والعدل هما نقائض الظلم والبغي وهي صفات من ساءت فطرته وحاد عن الصراط الذي وضعه الله عز وجل في الأرض مع نزول آدم عليه السلام ودعا إليه البشر أجمعين عن طريق الأنبياء والرسل عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين، وأضاء فيه مصابيح النور بالإسلام... الدين الذي ارتضاه لنا والذي يكون أول دعاء فيه هو اهدنا الصراط المستقيم الذي لا ظلم فيه ولا عوج بل عدل فطري مضاء بنور من عند الله عز وجل رب العالمين فلذا طرد الله عز وجل الظالمين من رحمته ولعنهم في القرآن الكريم.
ولما كان للظلم من خروج عن الفطرة التي وضعها الله عز وجل في داخل الإنسان كنبراسٍ للحق والهدى فقد توعّد الله عز وجل للظالمين العقاب الأليم في الدنيا قبل الآخرة مهما طال الأمد فالله عز وجل هو المنتقم لكل مظلوم والجبار القادر على الإتيان بالحق للضعيف والفقير من الغني المستبد حتى ولو بعد حين فتوعد الله عز وجل الظالمين بالعقاب الأليم وجردهم من كل ناصر ومعين فلا فلاح لظالم ولا مستقبل فيتوعدهم عز وجل بقوله: "بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علمٍ فمن يهدي من أضل الله وما لهم من ناصرين".
وقد أعطى الله عز وجل المظلوم القوة للغلبة على الظالم فدعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، فالظالم بذلك سيحل عليه عليه غضب من الله في الدنيا قبل نصب الميزان يوم القيامة ليجازي الله كل نفس بأفعلها، فينتصر الله عز وجل للمظلوم في الدنيا بإيقاع العذاب على الظالم في ماله وصحته وعياله وقد سمعنا في ذلك القصص الكثيرة لمن أهلكهم الله عز وجل بظلمهم في القديم وفي الحديث، ومن أخر الله عقابه إلى الآخر فذلك هو من وقع في الخسران المبين يوم لا ينفع مال ولا بنون فيمد الله عز وجل الظالم بظلمه ليستبد في الأرض ويعمي على قلبه فلا يرى النور الفطري في داخله فيحل عليه غضبه في يوم القيامة في نار جهنم فيخبر الله عز وجل بما يقوله الظالمون في ذلك اليوم المهول في كتابه الحكيم: "وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل".
وفي النهاية نسأل الله المنتقم الجبار أن يرفع ظلم اليهود الغاصبين الواقع على المسلمين في شتى الأرجاء وينصر المظلومين في كل مكان.