تعريف ومعنى الزِّنا
الزِّنا من فواحش الأفعال التي شدّد الشّرع الحنيف على تحريمها، واستوجب إيقاع العقوبة الرَّادعة في حقّ من ثبت عليه هذا الفعل الشَّنيع؛ فالزِّنا من أعظم الجرائم ومن كِبار المعاصي التي تُرتكب؛ لما يترتّب على هذا الفِعل من اختلاطٍ للأنساب وانتشارٍ للرَّذيلة وضياعٍ وهلاكٍ للمواليد النَّاجمين عن هذه العلاقة المُحرّمة بين الرَّجل والمرأة، كما أنّ فيه نشرٌ للأمراض المزمنة التي تنتقل بواسطة الاتصال الجنسيّ كالإيدز. الزِّنا محرَّمٌ في الإسلام كما أنّه حُرِّم في سائر الأديان السَّماويّة.
الزِّنا هو كُلّ علاقةٍ غير شرعيةٍ بين رجلٍ وامرأةٍ خارج إطار الزَّواج الإسلامي، وفيه وطءٌ من القُبُل أو الدُّبُر، قال تعالى: "ولا تقربوا الزِّنى إنَّه كان فاحشةً وساء سبيلًا".
عقوبة الزِّنا في الإسلام
لما كان للزِّنا من بشاعةٍ وقُبحٍ فقد قرّر سبحانه إقامة حدٍّ على كُلِّ من ثَبت عليه هذا الفِعل بحضورِ إمامٍ أو نائبه، وحضور جماعةٍ من المؤمنين، والعقوبة هي الرَّجم، وهو حدٌّ ثابتٌ في القرآن الكريم، والسُّنة النبوية، وإجماع علماء المسلمين. عقوبة الزِّنا فيها تفصيلٌ حسب حال الفاعل سواءً كان رجلًا أم امرأةً، وهي:
- الزَّاني المُحصن المُكلّف: عقوبته الرَّجم حتى الموت رجماً بالحجارة.
- الزَّاني الثَّيب: عقوبته الرَّجم لأنّه قد تَزوّج ولمس ما في الزَّواج من العفاف للفروج، والابتعاد عن العلاقات المُحرّمة؛ فاستحق العقوبة المُشددة.
- الزَّاني المُكلّف الحر غير المحصن: فعقوبة فعلته الجلد مئة جلدةٍ، وقد ثَبُتَ عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه من بعده أنهم قرنوا بين عقوبة الجلد والتَّغريب عن المكان لمدة عام.
- الزَّاني المملوك: فيُعاقب بالجلد خمسينَ جلدةً، دون تغريبٍ لما في ذلك من إلحاق الضَّررِ والأذى بسيّده.
شروط إقامة حدِّ الزِّنا
كي تنفّذ أيٍ من موجبات حدِّ الزِّنا السَّابقة على الزَّاني، لا بدّ من ثُبوت وقوع الزِّنا منه بأحد الأمرين التَّاليين:
- الأمر الأول: إقرار الفاعل على نفسه أربع مرَّاتٍ بوقوعِ فعل الزِّنا منه، ولكي يكون هذا الإقرار صحيحاً لا بُد من التَّصريح الواضح فيه بحقيقة الوطء، وأنْ لا يتراجع عن هذا الإقرار أو أيٍّ ممّا جاء فيه حتى يُقام عليه الحد.
- الأمر الثَّاني: أنْ يشهد عليه أربعة شهودٍ بوقوع فعل الزِّنا منه؛ وكي تكون شهادة هؤلاء الشُّهود صحيحةٌ لا بُد من توافر الشُّروط التالية:
- أنْ تكون شهادتهم الأربعة في مجلسٍ واحدٍ وفي الوقت ذاته.
- أنْ تكون شهادتهم عليه بفعل زنا واحدٍ؛ أي واقعة واحدةٍ.
- أنْ يصف الشُّهود طريقة الزِّنا كي لا تختلط الأمور، ولتجنب الشُّبهات، فقد يكون الاستمتاع المُحرَّم الصادر من المُتهم لا يصل إلى الفعل الحقيقي وهو الوطء من القُبُل او الدُّبُر، فلا يجب في حقه حد الزِّنا.
- أنْ يتصف الشُّهود بين الناس بالعدل، والاستقامة، وأنْ يكونوا رجالًا؛ فلا تُقبل شهادة النِّساء أو الفُسّاق.
- أنْ لا يكون من بينهم من يعاني من ضعفٍ في النَّظر أو غيرها من العِلل.