خلق الله عزّ وجل هذا الكون بنظامٍ بالغ الدقّة، ففيه كلّ شيء منظّم وموجود بمقدارٍ معيّن يضمن استمراريّة هذا النظام، حتّى أجسام الكائنات الحيّة فيها أنواع كثيرة من المواد والمركّبات المختلفة، فكما قال جلّ وعلا في كتابه الكريم: "إنّا كلّ شيء خلقناه بقدر"، إلّا أنّها تصنع داخل الجسم بمقدار حاجته إليها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى جسم الإنسان الّذي يحتوي على الكثير من المركّبات المختلفة في أنواعها، لكنّها توجد بمقدار معيّن ألا وهو حاجة الجسم إليها، ومن أبرز هذه المركّبات التي يتم إنتاجها داخل الجسم هي الهرمونات.
الهرمونات
وتسمّى أحياناً "الحاثات": هي مركّبات كيميائيّة، تركيبها غايةً في التعقيد؛ بحيث يتم تصنيعها في الغدد الموجودة داخل الجسم، لتقوم بوظائف حيويّة أو تؤثر على وظائف حيويّة أخرى داخل الجسم؛ كالنموّ، والتطوّر، والتمثيل الغذائي، والقدرة على الإنجاب، وفي حال احتاج الجسم إلى الهرمونات يتمّ إفرازها من قبل الغدد التي تقوم بتصنيعها، لكن بكميّات قليلة جداً، وذلك تبعاً لمقدار حاجة الجسم إليها، لكن في بعض الأحيان قد ينشط إفراز الهرمونات بفعل تأثير ونتائج الخلايا العصبيّة، وأكبر مثال على ذلك هي الهرمونات التي تفرزها الغدد عند الشعور بالخوف.
وللهرمونات أنواع عديدة جدّاً تختلف باختلاف الغدد التي تقوم بتصنيعها، كما أنّ بعض الغدد تقوم بتصنيع أكثر من نوع من الهرمونات في آنٍ واحد، وتعتبر الهرمونات المصنّعة في الغدة النخاميّة والدرقية والصعتريّة والكظريّة والبنكرياس هي أكثر الهرمونات هيمنة على جسم الإنسان؛ إذ إنّ إفراز كميّة ضئيلة جداً منها كفيلة بإحداث تغيّرات كبيرة في كافّة أنحاء جسم الإنسان.
ولكلّ هرمون من الهرمونات الموجودة في الجسم وظائف ومهام معيّنة مسؤول عنها، ومختص هو وحده بالقيام بها، وبالتالي فإنّ حدوث أيّ خلل في إنتاجها يؤثّر على الجسم؛ بحيث يكون هذا الخلل إما إفراط أو نقص شديد في إنتاج أحد الهرمونات أو عدد منها، وهذا الخلل يحدث في أوقات مختلفة خلال حياة الإنسان، كالانتقال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ، لكن في بعض الأحيان قد تحدث اضطرابات في الهرمونات دون سببٍ معروف، وتنجم عنها عواقب وخيمة في حال تركت دون علاج.
أعراض حدوث الاضطرابات الهرمونيّة في الجسم
الشّخص الذي يعاني من وجود اضطراب الهرمونات في جسمه، تظهر له عدّة أعراض وعلامات، منها: