إن المتأمل في خلق السماوات و الأرض يدرك عظمة الله سبحانه و آياته في الآفاق ، فترى قدرة الله بادية حين تسير السحاب و تساق إلى الأراضي الجدباء فينهمر المطر من تلك السحاب ليحيي الأرض بعد موتها ، كما تتجلى نعم الله تعالى على عباده بما خلق لهم من الكائنات المختلفة لينتفعوا بها في مأكلهم و مشربهم و لباسهم و تنقلهم ، فالإبل ينتفع منها الإنسان في تنقله و ترحاله ، كما تحمل أثقاله و تريحه من عناء السفر ، و هو فوق ذلك كله ينتفع من وبرّها حيث يصنع منه أثاثاً و لباساً ، و ينتفع من ألبانها كشراب له ، بل و قيل أن بول الأبل قد يكون فيه شفاء لبعض الأمراض المستعصية ، و ينتفع الإنسان كذلك من كثير من الحيوانات ، فالمجتمعات قديماً و حديثاً لم تستغني يوماً عن لحوم الأبقار و الضأن ، فهي تشكل طبقاً رئيساً على مائدة الناس بفائدتها و ما تحتويه من عناصر غذائية مهمه لبنية الإنسان ، و كذلك لما يجد الإنسان من لذة في تناولها ، و إن من الحيوانات ما ينتفع به الإنسان للحراسة و الصيد مثل الكلب و الطيور الجارحة ، فالكلب بما منحه الله من حاسة شم قوية يستخدم في كثير من البلدان للتعرف على المجرمين ، و هو كذلك يستخدم لحماية البيوت الفخمة من السرقة ، كما تشتهر الطيور الجارحة في استخدامها للصيد .
و في البحار قد سخر الله تعالى للناس الأسماك التي تتميز بميزات عديدة ، منها طراوة لحمها ، و اشتماله على عناصر غذائية غاية في الأهمية وفائدة لجسم الإنسان مثل اليود و الفسفور و الأحماض الأمينية ، كما يستخرج الإنسان الأصداف و المرجان من البحار و يستخدمها للزينة، و لو تحدثنا عن خلق الحيوانات و فائدتها للبشر لما وسعتها الكتب ، فكل كائن خلقه الله لحكمة و فائدة قد نكتشفها و قد تغيب عنا ، و مما يروى عن أحد الملوك الذين تجبروا في الأرض أنه عندما وجد الذباب يحوم حوله و يزعجه ، سأل أحد العلماء عن سبب خلق الذباب ، فقال العالم خلقه الله تعالى ليذل به الجبابرة ، فسبحان الله الذي أنعم على الإنسان بهذه النعم .