تشكّل ذاكرة الإنسان المكوّن الأساسيّ من مكونات الدّماغ البشري ، فخلايا الدّماغ المسؤولة عن الذّاكرة تقوم بوظائف حفظ المعلومات و تخزينها ، و إنّ عملية حفظ المعلومات في الدّماغ تمرّ بمراحل أوّلها عملية إدخال المعلومات و ترميزها و ثانيها عملية تخزين المعلومات و ثالثها عمليّة استرجاعها ، و تقسّم الذّاكرة إلى قسمين ، ذاكرةٌ قصيرة الأمد و ذاكرةٌ طويلة الأمد ، فالذّاكرة قصيرة الأمد تتميّز بقلّة سعة تخزينها و تتميّز بسرعة استعادة و استرجاع معلوماتها من الذّاكرة ، إلا أنّها تحتاج إلى تركيزٍ و عدم تشتّت عند حفظ المعلومة أو الصّورة ، فالإنسان حين يحفظ معلومةً معيّنةً في دماغة و تكون هذه المعلومة قصيرةً و صغيرةً كاسم شخصٍ أو رقم هاتفه فإنّ هذه المعلومة قد تكون عرضة للنّسيان فإذا هممت بفعل شيءٍ و عزمت عليه كغسيل أواني المطبخ مثلاً ثمّ توجّهت من أجل ذلك إلى المطبخ ثمّ بدا لك أن تصنع كوباً من الشّاي فإنّ الأمر يختلط عليك فتنسى ما نويت فعله أولاً ، و الذّاكرة قصيرة الأمد تحتاج إلى ترميزٍ عند إدخالها إمّا أن يكون سمعياً أو بصريّاً أو لفظيّاً ، و الذّاكرة طويلة الأمد تتميّز بأنّها يصعب استرجاع المعلومات منها أحياناً لحجم المعلومات الكبير المخزّن فيها .
و في مجتمعاتنا المعاصرة ترى النّاس مختلفون و متباينون في قدراتهم في الحفظ و التّعلم ، فترى بعض النّاس يمتلكون قدراتٍ عجيبةٍ في الحفظ و ترى آخرين لا يملكونها و يجدون مشقّة كبيرةً في حفظ المعلومات و استرجاعها عند الضّرورة ، لذلك يتوجّه الطّلاب في سنوات دراستهم الاخيرة إلى ما يتميّزون فيه فمنهم من يختار المنهج العلميّ القائم على الفهم أساساً ، و منهم من يختار المنهج الأدبيّ الذي يركّز على الحفظ و الذّاكرة . و لا ريب بأنّ هناك أساليب تحفّز الذّاكرة و تنشّطها منها التّغذية المناسبة المحتوية على الفيتامينات فالذين يعانون من نقص بعض الفيتامينات كفيتامين بي12 إذ يسبّب النّقص فيه ضعفاً في التّركيز و الذّاكرة ، كما أنّ لأسلوب الدّراسة دوراً في حفظ الدّروس و وقت الدّراسة كذلك ، فساعات الفجر تتميّز بأنّها ساعات صفاءٍ و هدوءٍ تسهم في زيادة قدرة الإنسان على الحفظ ، و كذلك و بالنّسبة للعلوم الدينيّة و الشّرعيّة فإنّ طاعة الله و الابتعاد عن المعاصي لها دورٌ كبيرٌ في الحفظ لأنّ علم الله نورٌ و نور الله لا يؤتى لعاصي .