شذوذِ الماء
المادّة لَها شُذوذ تَتَقَلّص وَتنكَمِش بالبرودَة وَتَزداد بالحَرارة، وَلكِنّ المَاء يَختَلِف اختلاف كًلّي عَن باقِي المَواد إذ يَتَمَدّد وَيَزدادُ حَجمَهُ وَتَقِلّ كثافَتَهُ ما بينَ دَرَجَتَي الحرارة الصّفر إلى 4 درجات مِئَوِيّة، وهذِهِ الظّاهِرة تًُعرَف بِ شُذُوذِ الماء، فَإنّ الماء عِندَ 4 دَرَجَات مِئويّة يكون كثافتهُ أعلى ما يُمكِن والحَجِم أقلُّ ما يُمكِن ثمّ يبدأ حجمُ وكثافةُ الماء كُلّما انخَفَضَت دَرَجَةِ حَرارتِه باختلافِ جَميعُ المَواد وأيضاً المَوادِ السّائِلة، وَعِندَ الدّرجةِ صِفِر يَزدادُ حَجمُ الماء وَتَقِلُّ كثافَتهُ.
لو َوضعنا وِعاء مُغلق بالماء وَقُمنا بِوضعِها داخِل الثّلاجة بِدرجةِ حرارة تقلُّ عَنِ الصّفر لرأينا أن الماء يَتَجَمّد وَيَزدَاد حَجمُ الوِعاء وَرُبّما يَتَشَقّق الوعاءِ بِسَبَب أنّ حجم الماء قد زادَ وَقَلّت كَثافَتَهُ، وَعِندَ تَسخِينِ الماء يَقِلُّ حَجمَهُ ويزدَاد كَثافَتَهُ، فَهذا مثال عَلى شُذوذِ الماء الّذي يَختلِف عَن باقي المَوادِ السّائلة والّتي تَظهَر بِصًورة غَير ظاهرةِ الماء، فَيَقِلُّ حَجمُ السّوائِل عِندَ البُرودة ويَزداد الحَجِم عِندَ ارتِفاعِ دَرَجاتِ الحَرارة، وَلَو قُمنا تَوسيعُ الدّائِرة مِن الوِعاء إلى دائِرة أكبر مِثلَ المُحِيطات والبِحار وَبَعضَهَا قَد يَصِل دَرَجَة الحرارة السَطحِيّة إلى أقلّ مِن الصّفر وَتُعرَف بالانجماد، ويعيشُ داخِل هَذِهِ المُحيطات والبِحَار الأسماكِ والكائناتِ البَحرِيّةِ بأنواعِها المُختَلِفَة، فإنّ السّطحِ المائي المُلامِس للجَو الخارِجِي يَتَجَمّدُ المَاءُ فِيها وَيَبقَى الماءُ الأعمَق بالحالةِ السّائلة، وَيَعُودُ السّبب فِي ذلكَ أنّ الماءَ الأكثرُ برودة يَكونُ أقَلّ كثافةِِ فَتَطفُوا على السّطح الخارِجي مِن البحار، والماءُ الأكثرُ دِفئاً يَبقَى فِي الأسفَل فلا يَتَجَمّد مِمّا يُعطِي الفُرصةِ للكائناتِ البَحريّة بالعيشِ والقُدرةِ على الحَرَكَةِ داخِل المَاء.
الكَثيرُ مِن المَناطِق الّتي يَكونُ فيها انخِفاضُُ عالي فِي دَرَجَاتِ الحَرارة مِثلَ القُطبِ الشّمالي والجَنوبِي ويعيضُ فيها الكثير مِن البَشَر الّذينَ يَعيشونَ فِي تِلكَ المَناطِق ومَصدَرًُهُم الغِذائي هُوَ الكائِنات البَحريّةِ فَقَط ، وَلَو شاهَدنا مُسطّحاتِ القُطُب الشّمالي والجَنوبي لَوَجَدنا الجَليد يُغطّي السّطح الخارِجي الملُامس للهَواء وَيَستَطِيعُ الشّخص أن يَمشِي عَليها، ولكِن هُناك ماء غَير مُتَجَمّد تَحتَها وَبِداخِلها الكثيرُ مِنَ الكائناتِ البَحرِيّة الّتي تَعيشُ فِيها، فَلولا وُجودِ شُذوذِ الماء لماتَت جميعُ الكائنات البحريّة ولكانَ هُناك جِبال وأعماق كبيرة فِي داخِلِ الأرض مِنَ الثلوج والانجمادات، ولا كانَ هُناك فُرصَة عَيش يستطيعُ فيها السّكانِ الذين مثل شعب الأسكيمو أن يعيشو في المناطق المتجمّدة لِموتِ جَميعُ الكائناتِ البَحريّة لأنّ ظاهِرة شُذوذ الماء تُعطي الفُرصةِ للكائناتِ البَحرِيّة بالعيشِ بِسَلام، فَلَو تَخَيّلنا أنّ كثافةُ الماءِ البارد أقَلُّ مِنَ الماءِ الدّافئ لَنَزَلَ الماءُ البارِد أسفلَ المُحيط وَيطفُوا الماءُ الدافئ، وَمِن ثُمّ يَبردُ الماءُ المُلامِس للهواءِ الخارج فَيبردُ وَينزلُ أسفلَ القاع، وتكرارُ هَذهِ العَمليّة يُؤدّي إلى حُدوث تَجمّد للبحر أو المحيطِ بكامِلِهِ، فَ بالتّالي تَموتُ جَميع الكائناتُ البحريّة بسبب عَدَم القُدرةِ على الحركة، وعدم القُدرة على أخذِ الأكسجينُ الذّائبِ بالماء، فهذهِ الظّاهرةِ للماء هي التي تعطي القُدرة للكائناتِ البَحريّة على العيشِ بصورةِِ طبيعيّة ويسهلُ عيشُ هذهِ الكائناتً فِي المَناطقُ المُتَجَمّدة مِثلَ القُطُب الشّمالي والجنوبي.
عِندَ قِياس درجاتِ الحرارة للبحارِ والمُحيطات سَنَجِد أنّ كلّما تَعمّقنا داخِل المُحيط أو البحر كُلّما زادَ الدّفءِ وارتفاع فِي درجاتِ الحَرارة وَخِصيصاً فِي المَناطِق البارِدة، أمّا فِي المَناطِق الدّافئة وَدَرجَاتُ الحَرارةِ فيها عالية يَظهرُ العَكس، بِحيثُ أنّ الماءَ الدّافئ المُلامسِ لسطحِ الهواء يَنزلُ إلى الأسفَل وَيرتَفِعُ الماءُ البارِد وَتَتَكرّر هَذِهِ العَمَليّة بِحيث يُصبحُ ماءُ البحرِ دافئ في جمبع الأعماق، وَهُناكَ جِهاز يًستَخدَم لتوضيحِ شُذوذِ الماءِ وَهُوَ جِهاز هُوب.