اليابان
اليابان هي جزءٌ لا يتجزأ من القارةِ الأسيوية، فهي تقع في الجانبِ الشرقي منها، بين المحيط الأطلسي وبحر اليابان، وتتألّفُ من ثلاثةِ آلاف جزيرة، وتُعد جزر (كيوشو، شيكوكو، هونشو، هوكايدو)، أهم تلك الجُزر، عاصمتها طوكيو تقع على الجهة الشرقية من جزيرة هونشو، تبلغ مساحة اليابان حوالي (378000 كم2)، كما يبلغُ عدد سكانها مائة وثمانية وعشرون مليون نسمة، وقد تمَّ احتلال اليابان من قِبَل الولايات المتحدة الأمريكية عقبَ الحرب العالمية الثانية، حيث إنَّ اليابان كانت عنصراً أساسياً في دول المحور التي خسرت الحرب إلى جانب ألمانيا، وسُرعان ما انتهى هذا الاحتلال بتوقيع معاهدة سان فرانسيسكو، ومن ثم تطبيقها في العقد الخامس من القرن الماضي، ولمَّا كان حديثنا عن النظام السياسي المُتَّبع في اليابان، كان لا بدَّ لنا أن نَعْرِفَ شيئا عن مشاركةِ اليابان في الحرب العالمية الثانية، والتي على إثرها تَشَكَّل النظام السياسي الجديد في اليابان.
اليابان قَبْلَ الحرب العالمية الثانية
تزايد خطرُ الاستعمار الغربي في اليابان، حيث أجبرت الدول الاستعمارية مثل (بريطانيا والولايات المتحدة)، اليابان على توقيع معاهدات تخدمُ مصالِحَها في المنطقة، فبدأَ ناقوسُ الخطرِ الاستعماري يدقُّ عند اليابانيين، وأدركت اليابان أنَّ النظام الإقطاعي السائد حينها لن يجدي نفعاً في مواجهة القوى الاستعمارية، فأسقطت هذا النظام في العام الثامن بعد الستين من القرن التاسع عشر (1868م)، وعادت السلطة المركزية للإمبراطور (مييجي)، فأنشأ جيشاً وأسطولاً قوياً، على إثْرِ ذلك شكَّلت اليابان قوةً حقيقةً في قارة أسيا، وتخلَّصت من كلِّ المخاوف الاستعمارية التي كانت تراودها، بل وقامت هي نفسها بتنفيذ مُخَطَّطٍ للسيطرةِ على الطُرق المؤدية إلى موانئها، ممّا أدّى بها إلى غزو (كوريا الشمالية، ومنشوريا)، في العام الرابع بعد التسعين من القرن التاسع عشر (1894م)،
في مطلع القرن العشرين وفي العام الرابع تحديداً (1904م)، قامت اليابان بشنِّ حربٍ ضد روسيا، وأجبرتها على دَحْرِ قواتها من (كوريا، وميناء بورت آرثر)، كما انتهزت اليابان نُشُوبَ الحرب العالمية الأولى، فقامت بالاستيلاء على ميناء (كيواتشو، ومقاطعة شانتونغ)، حيث كانت ألمانيا تُسيطر عليهم، وفي العام الخامس عشر من القرنِ العشرين (1915م)، فرضت اليابان المطالب الواحد والعشرين المشهورة على الصين، ولكن الصين سُرعان ما طعنت في هذه المطالب بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، ودخلت اليابان في سلسلة منازعات مع الصين، لم تنتهي إلّا بحربٍ شاملةٍ في العام ألفٍ وتسعمائةٍ وسبعةٍ وثلاثين (1937م).
اليابان أثناء الحرب العالمية الثانية
لقد دخلت اليابان كقوةٍ عسكريةٍ رادعةٍ في الحربِ العالميةِ الثانية من العام (1939م) حتى (1945م)، فكانت إلى جانبِ (ألمانيا النازية، وإيطاليا الفاشية) تشكل قوة المحور، في مواجهة قوة الحلفاء (بريطانيا، الاتحاد السوفيتي، فرنسا، الولايات المتحدة)، فقامَ الجيشُ الياباني بالهجومِ على القاعدةِ الأمريكية في (بيرل هاربر)، ثم اجتاحت اليابان كلا من (الفلبين، وإندونيسيا، والهند الصينية الفرنسية، وسنغافورة، وملايو، وبورما)، ولكنَّ موازين الحربِ سرعان ما تغيّرت حينما أعلنت الولايات المتحدة الحرب على اليابان، لتنتهي الحربُ بإلقاء الولايات المتحدة لقنبلتين نوويتين على هيروشيما وناغزاكي، الأمر الذي أجبر اليابان على الاستسلام.
أثر الحرب العالمية الثانية على الحياة السياسية اليابانية
بعدَ إعلان الحكومة اليابانية الاستسلام لدول الحلفاء يوم الرابع عشر من أغسطس في العام (1949م)، قام الرئيس الأمريكي (هاري ترومان) بتعين الجنرال (دوغلاس ماكارثر) للإشراف على احتلال اليابان، فَمُنِحَ ماكارثر حُكْمَاً مباشراً على جُزر اليابان الأربعة الرئيسية، وقُسِّمَتْ باقي أجزاء اليابان على دولِ الحلفاء، وقد وصلَ (ماكارثر) إلى طوكيو في يوم الثلاثين من شهر أغسطس، وقامَ بِعِدَّةِ إجراءاتٍ وقرارات، كان أهمّها أن قام بإقناع و ماسك الإمبراطور بالتخلِّي عن السلطةِ للشعب، وعلى إثر ذلك تمَّ التحوّل الديمقراطي في اليابان، وظهرَ النظام السياسي المُتَّبع حتى اليوم في اليابان.
النظام السياسي في اليابان
لقد كانت السلطة كلها في يدِ الإمبراطور قبل عام (1945م)، أي قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية، ولَمَّا انتهت الحرب، واحتلت الولايات المتحدة اليابان، صَادَق البرلمان الياباني على الدستورِ الجديد، والذي نقلَ السلطة من يدِ الإمبراطور، إلى يدِ الشعب، وبذلك تمَّ تحويل الإمبراطور من السُلطة الحاكمة في البلاد، إلى رمزٍ من رموزها، من دون أيّ سلطة، وقد أُثِير جدلٌ واسعٌ حول اعتبار اليابان مملكة، على الرغمِ من أنَّ الإمبراطور فيها رمزا ليس إلاَّ، حيث يرى البعضُ أنَّ اليابان أقرب لأن تكون جمهورية لا مملكة.
الأسرة الإمبراطورية
في العام 1989 تقلد الإمبراطور (أكيهيتو) العرش، وقد أصبحَ الإمبراطور الخامس والعشرين بعد المائة لليابان، ووفقاً للدستور، فإنَّ الإمبراطور لا يمتلك أي سلطة، وأسرته فقط تقوم بتوطيد العلاقات الدولية، وتقوم باستقبال الوفود الدبلوماسية، كما تُشارك أبناء الشعب في المناسبات والأعياد الوطنية، وتقوم بعمل الزيارات للملاجئ ودور الأيتام والمسنين، وأسرة الإمبراطور محبوبة جداً بين عامة الشعب.
الدستور
يقوم الدستور في اليابان على ثلاثة مبادئ أساسية وهي:
- سيادةُ الشعب.
- احترامُ حقوقِ الإنسان السياسية والدولية.
- نبذُ الحروب.
كما ينصُ على الفصلِ بين السُلطات الثلاث، وهي:
- السُلطة التشريعية (متمثلة في المجلس التشريعي).
- السُلطة التنفيذية (متمثلة في مجلس الوزراء).
- السُلطة القضائية (متمثلة في المحاكم).
السلطة التشريعية
- المجلس التشريعي الياباني: هو الجهة الوحيدة في الدولة المخولة بسنِّ التشريعات ووضع القوانين، فهو أعلى عضو في سلطة الدولة، ويحق لكل مواطن ياباني قد بلغَ سنَّ العشرين أن يمارس حقه في انتخاب أعضاء المجلس، ويتكون المجلس التشريعي من:
- مجلس النواب (جوغي- إن): هو المجلس الأدنى، بحيث يَضُمُ أربعمائة وثمانين مقعداً، يتم انتخاب النواب عن طريقِ اقتراع شعبي، والدورة الانتخابية تبلغُ مُدتها أربع سنوات.
- مجلس المستشارين (سانغي- إن): هو المجلس الأعلى، ويضُم مائتين واثنين وأربعين مقعداً، ويتم انتخاب الأعضاء عن طريقِ اقتراع شعبي، والدَّورة الانتخابية مدتها ست سنوات.
هذا بالإضافة إلى وجود سبعٍ وأربعين حكومةً محلية، وثلاثة آلاف مجلسٍ بلدي، والتي تقوم بإدارة الشئون الداخلية، كتوفير التعليم والرعاية الصحية، ويتم انتخاب رؤساء الحكومات وأعضاء المجالس أيضاً عن طريق الاقتراع كل أربع سنوات.
السلطة التنفيذية
ويُعد مجلس الوزراء هو المسئول الأول عن السلطة التنفيذية أمامَ المجلس التشريعي، ويقوم أعضاء المجلس التشريعي فيما بينهم بانتخاب رئيسِ المجلس، ويجب أن يكون رئيس الوزراء عضواً في أحد المجلسين، بحيث يقوم بتعيينه الإمبراطور بعد أن يصادق عليه البرلمان، ثم يقوم رئيس المجلس بتشكيل حكومته، ويجب أن يكون مُعظم الوزراء من المجلس أيضاً، وبالتالي يتم تشكيل مجلس الوزراء، ويحقُّ لرئيسِ الحكومة أن يُقِيْلَ أي وزير، والأهم من ذلك هو أنَّه يتعينُ على المجلس أن يحظى دائماً بثقة المجلس التشريعي؛ لكي يبقى قائماً.
السلطة القضائية
وهي اختصاص المحكمة العُليا، والمحاكم الدنيا في الدولة، وتتم معالجة معظم المسائل في المحاكم المحلِّية، وقد دخلَ نظام المحلِّفون على المحاكم اليابانية في شهر مايو من العام التاسع بعد الألفين.
الأحزاب في اليابان
اليابان من الدولِ التي فيها تَعَدُّدِيّةٍ حزبية، ويكونُ الحزبُ الحاكم هو صاحبَ النسبةِ الأكبرِ في مقاعدِ المجلس التشريعي، والأحزابُ المعارضة تمتلك نسبة أقلّ في المقاعد، والحزب الحاكم اليوم في اليابان هو الحزب الليبرالي (كوميتو)، أمَّا الأحزاب المعارضة فمنها (الحزب الشيوعي الياباني، والحزب الديمقراطي، وحزب مينا، وحزب شنتو دايتشي، والحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزب أوكايناوا تايشوا).