هذا الكون الكبير خلقه الله سبحانه وتعالى بإحكام ونظام مبدع، يتأمّل فيه الإنسان بذهول وتفكّر. نعيش نحن بنو البشر على كوكب الأرض الذي يعتبر جزءاً لا يتجزّأ من المجموعة الشمسية والكونيّة. والمجموعة الشمسية هي مجموعة الكواكب التي تحيط بالشمس وتدور حولها، إضافةً إلى غيرها من الأجرام بما فيها من الكواكب القزمة، والكويكبات، والنيازك، والمذنبات، والأقمار.
الكواكب التي تحيط بالشمس عشرة، وهي مرتبة حسب قربها من الشمس؛ وهي: عطارد، والزّهرة، والأرض، والمريخ، والمشتري، وزحل، وأورانوس، ونبتون، وبلوتو، ويو بي 313. أمّا بالنسبة لكوكب الأرض الذي نعيش عليه، فإنّ الكوكب الأقرب لكوكب الأرض هو كوكب الزّهرة.
كوكب الزّهرة هو الكوكب الثاني الأقرب للشمس والكوكب الأقرب للأرض من حيث المسافة، حيث يقال عنه أنه "توأم الأرض". فالزّهرة والأرض لهما نفس الحجم، ونفس الكتلة والكثافة، كما أنهما تكونا بنفس الوقت ومن نفس السديم. وهو كوكب ترابيّ وليس غازيّ. أما هو سبب تسميته بهذا الاسم فجاء في لسان العرب أنّ (الزُّهْرَة) هي الحسن والبياض؛ والزّهرة: هو البياض النيّر، أي الكوكب الأبيض، فاسمه يعود لسبب سطوع الكوكب من الكرة الأرضيّة، وهذا لانعكاس كميّة ضخمة من ضوء الشمس عليه لكثافة غلافه الجويّ. ولذلك يطلق عليه أيضاً اسم نجمة الصباح أو المساء؛ لإمكانيّة رؤيته من الأرض قبل الشروق أو حتى بعد الغروب. وبما أنّه الأقرب للأرض "مسافة"، فإن أبعد مسافة تفصله عنه 258 ألف كلم، وأقرب مسافة للأرض 41 ألف كلم.
اعتقد العلماء قديماً أنّ كوكب الزّهرة هو الكوكب الأشبه بالأرض، لكنّ هذا الاعتقاد تغيّر بعد دراسة الكواكب جيداً. فهو يختلف عن الأرض كثيراً، حيث أنه لا توجد محيطات على كوكب الزّهرة، كما أنّه محاط بغلاف كثيف وكبير يتكوّن من ثاني أكسيد الكربون أغلبه، حيث تصل الحرارة على الكوكب إلى 482 درجة لكثافة غلافه، حيث أن سطح الكوكب تكون درجة حرارته مرتفعة جداً ورياحه شديدة، فهو الكوكب الأسخن والأشدّ حرارة من باقي الكواكب. ولا يوجد هناك أي أثر للماء، أما الضغط الجويّ على سطحه فهو يعادل 92 مرّة الضغط الجويّ للأرض، كما أنّ سحبه والأمطار تتكون من حمض الكبريتيك، كما أنّه لا يوجد للزّهرة قمر تابع له كالأرض. يشبه كوكب الزّهرة الأرض في نشاط البراكين والزلازل فيه وتكوّن الجبال والوديان، إلّا أنّ جباله تكون معدنيّة مغطاة بالرصاص.
يساوي اليوم على كوكب الزّهرة 243 يوماً أرضياً، وهو أكبر من السنة الأرضيّة، وقد لوحظ أن الشمس تطلع فيه من الغرب للشرق. وقد سيّرت رحلات كثيرة إلى كوكب الزّهرة نجحت في اكتشاف القليل من معالم هذا الكوكب، منها رحلة بايونية عام 1978م، ورحلة ماجلان عام 1990م و1994م وهي رحلات أمريكيّة، ورحلة فينيرا 15 و 16 عام 1983م وعام 1984م وهي رحلات روسيّة.