في خضمّ زحمة الحياة الدّنيا و كثرة مسؤوليّاتها يجد الإنسان نفسه محتاجاً إلى ترتيب أوراقه و تنظيمها ، و لا نقصد هنا أوراق العمل فقط و إنّما أوراق الحياة و يوميّاتها ، فالتّرتيب حقيقةً لا يكون في شيءٍ إلا زيّنه و نظّمه ، و لا ينزع من شيءٍ إلا أصبحت الفوضى هي السّمة الغالبة عليه ، و حتى يحقّق الإنسان النّجاح في حياته يجب أن يكون مرتّباً منظّماً يضع لنفسه جدول أعمال يؤدّيها في اليوم و الليلة ، و إنّ التّرتيب يساعد الإنسان بشكلٍ كبيرٍ على أن يؤدّي حقّ الله تعالى عليه و حقّ نفسه عليه ، و حقّ زوجه و أهله عليه ، و كما قال النّبي الكريم عليه الصّلاة و السّلام إنّ لبدنك عليك حقّاً و إنّ لربّك عليك حقّاً ، فالإنسان يجب أن يضع جدولاً يبيّن فيه ما يودّ إنجازه و تحقيقه ، فالعبادة يجب أن تحتلّ حيّزاً في سلم ترتيب الأعمال ، كما يشكّل حقّ النّفس من التّرفيه المباح بما أحلّه الله تعالى حيّزاً في سلم ترتيب الأعمال ، و كذلك حقّ الزّوجة و الأولاد ، فكيف يبدأ الإنسان عمله ؟ ، و كيف ينهيه بترتيبٍ يعطي كلّ ذي حقّ حقّه ؟ .
على الإنسان أن يبدأ يومه بذكر الله تعالى و الصّلاة ، و إنّ صلاة الفجر بما لها من الفضل و الأجر تكفل للمسلم أن يبقى في ذمة الله تعالى و حفظه ، فينطلق الإنسان في حياته مطمئناً متوكّلاً على الله تعالى، ثمّ يخرج الإنسان إلى عمله و يؤدّي ما عليه من واجبات اتجاه شركته و صاحب العمل ، مستشعراً مراقبة الله تعالى ، متقناً عمله ، محتسباً الأجر على عمله انطلاقاً من حديث الرّسول الكريم عليه الصّلاة و السّلام من بات كالاً من عمله ، بات مغفوراً له .
و بعد أن ينهي الإنسان عمله يعود إلى بيته و يضع كلّ هموم العمل خارجه ، فيجلس إلى زوجته و أولاده و يتسامر معهم ، و يلعب مع أطفاله و يمازحهم . و على الإنسان أن يخصّص وقتاً للقراءة النّافعة المفيدة ، فيختار عدد من العناوين المنتقاة ، كما أنّ عليه أن يخصص وقتاً لمشاهدة التّلفاز و البرامج النّافعة و ترك مشاهدة ما يضيع وقته من البرامج و المسلسلات التي تحضّ على السّفور و الفجور .