التفكر في خلق الله
لو أطلقنا الفكر في خلق الرحمن لركعنا ليلا ونهارا مسبحين له، فسبحان من أبدع خلق كل شيء، ومن أكثر الكائنات جمالا، التي تجذبنا كما جذبت من قبلنا المتفكرين في خلق الله سبحانه وتعالى الطيور بألوان ريشها، وأصواتها، وحركاتها الرشيقة وهي تطير في السماء.
ريش الطيور
أكثر ما يلفت عين المتأمل في الطيور هو ألوان الريش الزاهية وأشكاله، وهذا الريش هو بنيان متكامل لو لم يخلقه الله بهذا الشكل المميز والفريد لما استطاعت الطيور الطيران، فالريشة تتكون من "الكيراتين" وهو نوع من أنواع البروتين، وهو مادة متينة ومرنة في الوقت نفسه، تكونت من خلايا جلد قديمة كانت قد ماتت فخرجت من أعماق طبقة الجلد إلى الطبقة الخارجية، لتفسح مجالا لخلايا جديدة في النمو وهكذا، وشكل الريش وتصميمه الفريد يسمح للطيور بالطيران في حين لا يسمح أي شكل آخر بذلك، فهي تنسجم مع ديناميكية الهواء، فالريش يمتلك بنية قوية وخفيفة الوزن في الوقت نفسه، وتتكون الريشة من قصبة رئيسية عريضة، ويتفرع من تلك القصبة قصبات صغيرة، ورفيعة تخرج في عدة اتجاهات، وتحمل كل قصبة رفيعة منها آلافا من الخيوط الرفيعة التي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، وتتصل هذه الخيوط مع بعضها بما يشبه الأشواك أو الخطافات، وتكون هذه الخطافات متقاربة ومرتبة على شكل خطوط متوازية وتشبه "السحاب" إلى حد ما.
تتمكن أغلب الطيور من الاحتفاظ بريشها نظيفا طوال الوقت، ويعود ذلك لوجود غدة زيتية في أسفل ذيولها، وعادة ما يفرك الطائر هذا الزيت على ريشه كله باستخدام منقاره، ويكون الزيت طبقة عازلة تحمي الريش من الأوساخ، وتكمن أهمية وفائدة ذلك في أن الريش المتسخ يزيد وزنه عن الريش النظيف وقد يختلف شكله كذلك، وبالتالي قد يصعب على الطائر الطيران به. وهدف الريش الرئيسي: هو حفظ حرارة الطائر وتدفئته في الفصول الباردة، والمحافظة على برودته في الفصول الحارة، وقد تكون القدرة على الطيران هدفا ثانويا، لأن بعض الطيور لا تستطيع الطيران، مثل طائر النعام وغيره، ولذلك لا يمكن للطائر أن يعيش ويبقى دون ريش، فسبحان من سواه.
عظامها
تمتلك الطيور عظاما مجوفة مقارنة بعظام الثديات وذلك لتخفيف وانقاص وزنها، وبالتالي استهلاكها طاقة أقل أثناء الطيران، ويمتلك كل طائر هيكلا عظميا مختلفا ومتكيفا مع بيئته وطبيعة حياته، فلا تتشابه كل الطيور بسماكة وكثافة بنيتها العظمية، ولكن بشكل عام تمتاز الهياكل العظمية للطيور بخفة أوزانها مقارنة بالحيوانات الثدية.
جهازها التنفسي
تحتاج الطيور إلى كمية من الأكسجين تفوق الكمية التي تحتاجها الثديات بنحو عشرين ضعفا، ولذلك تكون رئة الطائر ذات تصميم مميز يخدم هذا الغرض، فالثديات تتنفس تنفسا "ثنائي الاتجاه" فهي تدخل الهواء بالشهيق، ثم تبقي على الأكسجين ويطرد باقي الهواء خارجا بالزفير، أما في الطيور فالتنفس "أحادي الاتجاه" مما يعني أن الهواء يدخل في جهة ويخرج من الجهة الأخرى في الوقت ذاته وهذه الطريقة توفر كمية أكبر من الأكسجين في وقت أقل.