و قد نشأ النّبي الكريم محمّد صلّى الله عليه و سلّم و تربى في الأعراب ، حيث استفاد من لغتهم و فصاحتهم ، و كانت له مرضعةٌ هي حليمة السّعدية التي عنيت به عنايةً كبيرةً و أرضعته صغيراً ، فقد كان الأعراب مشهورون بفصاحة اللسان ، حتّى أنّ ترجمان القرآن عبد الله بن عبّاس رضي الله عنه حدّث أنّه كان لا يدري ما معنى فاطر السّموات و الأرض حتّى سمع أعرابياً تلاحى مع آخر على حديقة ، فقال مدّعياً أنّها له بقوله أنا الذي فطرتها .
فالفصاحة هي القدرة على إظهار الكلمات وعبارات بشكلٍ واضحٍ سلسٍ غير ثقيل ، مع قدرة على إبانة المعاني في الكلام ، و هناك وسائل كثيرةٌ تعين المرء منّا على زيادة فصاحة لسانه بتمرين لسانه على الإكثار من ترديد آيات القرآن الكريم ، فهي المصدر الأول للفصاحة و البلاغة لأنّها كلام الله ، مع ما في قراءة القرآن من الأجر و الثّواب الكبير ، و كذلك قراءة أحاديث النّبي عليه الصّلاة و السّلام ، و خطب سيّدنا علي رضي الله عنه إذ كان فصيحاً جداً و بليغا ، و قراءة شعر المعلقات و الشّعر القديم ، و هناك كتابات لكثيرٍ من أدباء العصر الحديث فيها من الفصاحة ما يكون زاداً للمريدين و الذين ينشدون اللسان الفصيح .