تتنوع ألسنتنا و ثقافاتنا و حضارتنا كما تتنوع أشكالنا و الواننا . فنحن بني البشر نختلف في هذا كله و تجمعنا أدميتنا . و قد شُغل العلماء على مر الزمان و العصور في طريقة نشأة اللغة ، فلغات العالم أجمع سواءٍ العربية ، الأنجليزية ، الفرنسية ، الأمانية ، و الصينية ، و غيرها من اللغات ، لا يمكن تحديد كيف نشات و متى بدأت . و لان اللغة ليست شيئاً ملموساً و ليست ذات أثرٍ يستدل عليه من المخطوطات و رسومات الكهوف و الأحفورات و البقايا الأثرية ، فإنه ليس هنالك أدلة قاطعة او إثباتات توضح لنا طريقة نشأة هذه اللغات . فما لدينا هو مجموعة من النظريات التي تم تشكيلها لمحاولة ملء الفراغات في هذا اللغز المحير للإنسان .
و قد وضعت العديد من النظريات التي لم تتفق مع بعضها في الإجابة عن هذا السؤال المحير ، فمن هذه النظريات ما يستند على مبدأ الإستمرارية و هو ما يعرف بنظرية ( الإستمرارية ) ، أي ان اللغة قد نشأت في شكلها النهائي من أنظمة لغوية آخرى سبقتها لمن شبقنا من الأوائل ، فاللغة سمة معقدة جداً لا يمكن لها ان تنشأ من الفراغ بهذا الشكل التي هي عليه اليوم . و في نظرية آخرى أن اللغة شيءٌ سامي و مميز و فريد ، و لا يوجد لها مثيل في تاريخ البشر ، و لذلك يرى واضعو هذه النظرية أن اللغة لا بد و أن تكون قد نشأت في مرحلة ما من مراحل تطور الإنسان ، و هذا ما يعرف بنظرية ( الإنقطاع ) . أما في نظرية آخرى فإنها ترى أن اللغة من الصفات الوراثية للإنسان و بالتالي فهي موجودة بين جيناته ، بينما في نظرية آخرى ترى بأن اللغة من الأمور التي يمكن تعلمها من خلال التفاعل بين بني البشر ، و غيرها من النظريات .
و بالتالي و من ما سبق من النظريات و الإفتراضات نرى ان لا يمكن لنا ان نحدد نشأة اللغة و مصدرها ، فلا أدلة قاطعة توجد و كل ما لدينا هو النظريات فقط . و سنذكر نظريات آخرى برزت في هذا المجال و منها : نظرية ( اللغات الأم ) ، نظرية ( الإيثار الإجباري المتبادل ) ، نظرية ( الإيمائية ) ، نظرية ( النميمة و الإستمالة ) و غيرها من النظريات .