يدرس علم اللغويات التراكيب اللفظيّة الصوتيّة ومعناها في كلّ لغة من لغات العالم؛ بحيث تكمن وظيفته بمعرفة أصل الكلمة ومعناها داخل السياق، وتاريخ توظيفها في اللغة؛ فهو يختصّ بوضع نظريّات تفسر نشأة اللغة وتطوّرها وما يدخل عليها بفعل عوامل خارجية أو داخلية، ونظراً لتطوّر هذا العلم والحاجة الماسّة لوجوده بسبب دخول مصطلحات غربية على اللغة كأثر للاستعمار والاحتلال والانتداب الّذي وقع على البلدان العربية، ومن ثمّ بسبب آثار التداخل الثقافي بين الشعوب، فارتأى علماء اللغة أنّه من الواجب العمل على إنقاذ اللغة من الضياع، فقاموا بالعمل كمجموعات على تأسيس مجامع لغويّة تعمل على تنقية اللغة من الدخائل، وتصحيحها من الأخطاء الشائعة، وتعريب المصطلحات الغربيّة التي بحكم انتشار الآلة والعلوم الغربية في العالم نستوردها كتعرف على ما هى بأسمائها التي باتت تعتبر اسمها اللغوي في بلادنا.
انتشرت هذه المجامع بالوطن العربي بدءاً من مجمّع بيت الحكمة في بغداد، حتّى انتشرت في كافّة أرجاء الوطن، كمجمّع اللغة الدمشقي، ومجمّع اللغة القاهري، ومجمّع اللغة العَماني. وهذه المجامع تناط بها وظيفة وضع المعاجم اللغويّة والموافقة عليها كالمعجم الوسيط الّذي سنّه علماء اللغة في عمان، وهو الآن من أكبر المجامع العربية، وتناط بها أيضاً وظيفة وضع المعاجم الخاصة؛ أي التي تختص بتعريب ووضع المصطلحات الخاصة بعلم معيّن كالمعجم الطبي والمعجم الفلسفي وهكذا.
وكلّ مجمع يضع معجماً؛ فهو يحدّد طريقة استخراج معاني الكلمات وعبارات منه، وغالباً ما يكون ذلك حسب الحروف وترتيبها الأبجدي، وهذه المجامع تُعنى أيضاً بتصحيح الكتابة الإملائيّة للكلمات وعبارات العربيّة، وقواعد النحو والصرف.
يجتمع علماء اللغة كلّ عدّة سنوات أو عند حدث طارئ مرّةً في أيّ بلد يتمّ الاتّفاق عليه، أمّا في كل بلد فإنّ المجمع له جدول مرتب يجتمع وفقه ليقوم بأعماله، ويتخصّص للعمل في هذه المجامع علماء لغويّون معروفون بدرجاتهم الأكاديمية وأعمالهم اللغوية في التنقيح والتصحيح، ومعرفتهم الواسعة في التاريخ وعملية الحفر التاريخي على الكلمات وعبارات ومعانيها، وتواريخ استخدامها، وعوامل ظهورها وارتباطها بعلم الصوتيّات وخصائص الصوت لدى الشعوب؛ فمثلا يختص علماء اللغة العرب بدراسة مخارج الحروف العربيّة، وتكوين المقاطع الصوتيّة واختلافها عن مقاطع الصوت في اللغات الأخرى، وهم بعلمهم الواسع قادرين على التفريق بين اللفظ العربي الصحيح من الناحية الصوتيّة وغيره، حتّى لو تمّ لفظ الحرف كما يلفظ، وهم قادرون على تمييز الخطوط لدرجة أنّهم يفرّقون بين الخط الّذي تكتبه الأنثى والّذي يكتبه الذكر.