مدح اللغة العربيّة
تعدّ اللغة العربيّة لغةً اختارها الله تعالى لكتابة القرآن الكريم؛ حيث تحتلّ هذه اللغة مكانةً مميّزة في قلوب الكثيرين وخاصّةً العرب والمسلمين باعتبارها لغةً مقدّسة، ويدافعون عنها باعتبارها اللغة الأولى والباقية إلى الأزل.
وتميّزت اللغة العربيّة عن غيرها من اللغات باعتبارها تحتوي على مفرداتٍ في شتّى المجالات مهما كانت اختلافاتها؛ فهي لغة تخاطب المشاعر والأحاسيس من خلال شعرها ونثرها وأدبها، بأساليبٍ مختلفة ومتعدّدة.
وذكر الشّاعر حافظ إبراهيم في إحدى قصائده اللغة العربيّة، وأشار إلى كنوز مفرداتها وتراكيبها ومعانيها.
حافظ إبراهيم يمدح اللغة العربيّة
رجعت لنفسي فاتّهمت حصاتي
وناديت قومي فاحتسبت حياتي
رموني بعقمٍ في الشّباب وليتني
عقمت فلم أجزع لقول عداتي
ولدت ولمّا لم أجد لعرائسي
رجالاً وأكفاءً وأدت بناتي
وسعت كتاب الله لفظاً وغاية
وما ضقت عن آيٍ به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلةٍ
وتنسيق أسماءٍ لمخترعات
أنا البحر في أحشائه الدرّ كامنٌ
فهل سألوا الغوّاص عن صدفاتي
فيا ويحكم أبلى وتبلى محاسني
ومنكم وإن عزّ الدّواء أساتي
فلا تكلوني للزّمان فإنّني
أخاف عليكم أن تحين وفاتي
أرى لرجال الغرب عزّاً ومنعةً
وكم عزّ أقوامٌ بعزّ لغات
أتوا أهلهم بالمعجزات تفنّنا
فيا ليتكم تأتون بالكلمات وعبارات
أيطربكم من جانب الغرب ناعبٌ
ينادي بوأدي في ربيع حياتي
ولو تزجرون الطّير يوماً علمتم
بما تحته من عثرةٍ وشتات
سقى الله في بطن الجزيرة أعظماً
يعزّ عليها أن تلين قناتي
حفظن ودادي في البلى وحفظته
لهنّ بقلبٍ دائم الحسرات
وفاخرت أهل الغرب والشّرق مطرقٌ
حياءً بتلك الأعظم النّخرات
أرى كلّ يومٍ بالجرائد مزلقاً
من القبر يدنيني بغير أناة
وأسمع للكتّاب في مصر ضجّةً
فأعلم أنّ الصّائحين نعاتي
أيهجرني قومي عفا الله عنهم
إلى لغةٍ لم تتّصل برواة
سرت لوثة الإفرنج فيها كما سرى
لعاب الأفاعي في مسيل فرات
فجاءت كثوبٍ ضمّ سبعين رقعةً
مشكّلة الألوان مختلفات
إلى معشر الكتّاب والجمع حافلٌ
بسطت رجائي بعد بسط شكاتي
فإمّا حياةٌ تبعث الميت في البلى
وتنبت في تلك الرّموس رفاتي
وإمّا مماتٌ لا قيامة بعده مماتٌ
لعمري لم يقسبممات