من بين النّعم الكثيرة التي منّ الله تعالى بها على الإنسان نعمة العقل التي ميّزته عن سائر الكائنات، وإنّ هذه النّعمة هي من آثار التّكريم الرّباني للإنسان حين فضّله على كثير من خلقه، قال تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى? كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)، ولو أردنا أن نبيّن أهميّة العقل في حياة الإنسان فإنّنا نقول:
- العقل سبب استخلاف الله تعالى للإنسان في الأرض، ولو لم يكن الإنسان يمتلك عقلاً يدرك فيه حياته وما هى اسباب وجوده لما كان لوجوده في الحياة أي فائدة أو منفعة، فعمارة الأرض واستصلاحها تحتاج دائماً إلى العقل الذي يفكّر في ابتكار الوسائل والطّرق التي تؤدّي إلى ذلك، فالعقل إذن هو مظنّة الاستخلاف في الأرض.
- العقل كوسيلة للتّمييز بين الحقّ والباطل والصّواب والخطأ والنّافع والضّار، فالإنسان العاقل هو الإنسان الذي يستطيع أن يميّز بين تعرف ما هو صواب وحقّ أو تعرف ما هو عكس ذلك بسبب أنّ العقل يزوّد الإنسان بالما هى اسباب والأدوات التي تؤدّي إلى إدراك الأمور والقضايا وتمييزها وتحليلها واختيار الأصوب والأصحّ بينها وترجيحه.
- العقل هو مناط التّكليف، فكثيرٌ من العبادات التي شرعها الله تعالى وأوجبها على النّاس من شروطها أن يكون المسلم عاقلاً بالغاً وغير ذلك من الشّروط مثل الصّلاة والصّوم وغيرها، كما أنّ كثيراً من المعاملات في الحياة والعقود بين النّاس لا تتمّ إلا إذا كان طرفيّ العقد عاقلين مثل الزّواج وعقود المعاملات المختلفة من بيع وإيجار وغير ذلك، فالمجنون غير مكلف بل هو غير مؤاخذ على أفعاله بسبب فقدانه لنعمة العقل، وفي الحديث عمّن رفع عنهم القلم قوله عليه الصّلاة والسّلام (وعلى المجنون حتى يعقل).
- العقل هو وسيلة الإبداع والاختراع، فالعلماء الذين أخرجوا لنا كلّ ما ننتفع به في حياتنا أعملوا عقولهم في العلم وأبدعوا حتّى تمكّنوا من ذلك، بل إنّ إنجازاتهم لم تكن إلا بسبب استثمارهم الكامل لعقولهم وتفكيرهم وتكريسها في البحث العلمي والتّفكر في نواميس الكون وقوانينه.
- العقل هو مصدر الحكمة التي تميّز بها الكثيرون عبر التّاريخ، فغير العاقل لا يتصوّر بحال أن يكون حكيماً بسبب أنّ الحكمة تحتاج إلى تبصّر في الأمور وتعقّل مع اختبار لتجارب الحياة وترجيح الصّواب وما يصلح للإنسان في كلّ حين وأوان.
- وأخيراً على الإنسان أن يدرك أهميّة العقل في حياته فلا يسعى لتدميره أو تغيبه باتباع شهوات نفسه ونزواتها.