الهدف هو أهم أمر يتوجب على كل إنسان واعٍ مدرك لقيمة الحياة التي وهبنا الله تعالى إياها أن يهتم بها، فتحديد الهدف في الحياة أو الهدف من الحياة يريح الإنسان من هموم كثيرة ومتنوعة ومختلفة، حيث أن سائر حياته وجل أعماله تصبح مسخرة لتحقيق هذا الهدف، ومن هنا فإنّ الهدف هو طريق الإنسان وهو حياته التي يحياها.
لا ينحصر الهدف في نوع واحد أو نمط واحد فقط، بل يمتد ليشمل أنواعاً مختلفة وأنماطاً متعددة وأشكالاً مختلفة، فهناك من يهدف إلى أن يتزوج وأن يؤسس لأسرة وهناك من يهدف لتأسيس عمل خاص به ينفرد به بذاته ويستقل عن الغير بحياته، وهناك من هدفه العلم ولا شيء غير العلم وهناك من يهدف إلى تحقيق غاية الله تعالى في الأرض وفي الإنسان عن طريق نشر الرحمة والعدل والمساواة وإصلاح النفس وهناك من يهدف إلى إيجاد ذاته وتلبية تطلعاته وأشواقه حتى يصير إنساناً يضئ الدرب أينما حل وأينما ارتحل، وهناك من يريد أن يصبح فناناً يرسم بريشته أو يغني بصوته أو يصور بكاميرته ألوان الحياة وتقاسيمها مجسداً أروع أشكال الجمال، وباعثاً الخير والحب والسلام والأمل في قلوب المتفاعلين معه، وهناك وهناك وهناك ...
من هنا نرى أن أشكال الهدف عديدة ومتفاوتة في أحجامها، وهناك من يضل تفكيره ويجعل من الوسيلة هدفاً أو من الرغبات الثانوية هدفاً أيضاً، مما يجعله ساكناً مكانه غير متحرك، فهذا النمط من أنماط التفكير يجعل الإنسان قابعاً مكانه لأنه يظن أنه أنهى كافة متطلباته في الحياة، فقد حقق كل ما يريد ويشتهي، وهو بذلك لا يعي أن الهدف أكبر من هذه الأمور التي حققها، وأن ما حققه قد يطلق عليه تجاوزاً أهداف فرعية، هذا إن أردنا أن نعلي من قيمة ما حقق.
مما سبق يمكننا أن نلحظ أن الهدف يتحدد بشكل أساسي عندما يستطيع الإنسان أن يفصل ما بين الهدف وما بين الوسيلة أو ما بين الهدف الرئيسي والهدف الفرعي. إضافة إلى ذلك فالهدف يتحدد عن طريق معرفة نمط التفكير الذي يتبع من يريد أن يحدد هدفه، لأن نمط التفكير هام جداً في عملية معرفة الهدف وتحديده، لذا توجب على كل إنسان أن يعلم ويوقن وبشكل كبير جداً نمط التفكير الذي اكتسبه، وبالتالي يستطيع أن يعرف غايته من الحياة وأن يحدد هدفه الذي يسعى إليه خلال حياته وعن طريق أعماله.
