يتخذ مصطلح تكوين النفس عادة معنى مادّي بحت، يتمثل في بناء الإنسان لنفسه اقتصادياً ومالياً لتكوين أسرة له، وتكوين عمل والاستقلال بحياته، إلا أن تكوين النفس قد يتخذ معان إضافية، منها على سبيل المثال،أن يبين الإنسان نفسه فكرياً وعقلياً و أن يزود نفسه بالصالح من الأخلاق والحسن منها. فعملية تكوين النفس تمثل عملية دفاعية ذاتية يستعين بها الشخص لعلاج و دواء الإحباط الذي ينتابه بين الحين والآخر.
الانغماس في العمل سعياً وراء تكوين النفس مادياً واجتماعياً مع إهمال الجوانب والعوامل النفسية الأخرى، سيجعل الإنسان ينظر إلى هذا العمل على أنه من المصادر التقليدية للحصول على تقدير الذات، حيث يجد الإنسان نفسه يدور في حلقة مفرغة. فالرتابة تضر بشكل كبير في الصحة النفسية للإنسان.
لتكوين النفس يجب أولاً معرفة القدرات الكامنة والعمل الدائم على تطويرها، بالتوازي مع معرفة الصفات الشخصية والعمل على بناء صفات أخرها والاستفادة متعرف ما هو موجود حالياً، إضافة إلى ذلك يعرف الإنسان هدفه الرئيسي في الحياة، فإن كان يهدف فقط إلى تكوين أسرة بسيطة دون الاهتمام لقيمته كإنسان، فهذا من أسهل الأمور، فكل ما يلزم حينها القليل من الأموال وأي نوع من انوعا العمال البسيطة وتكونه الأمور على أسهل ما يرام، أما إن كان الهدف الرئيسي بنظر الإنسان أن يطور نفسه ويبني شخصيته ويزيد من معرفته، ويعظم من شأن روحه ويشبع عواطفه، فهذا مشوار طويل ربما يأخذ وقتاً طويلاً جداً ومن هنا فإن البداية تكون بالسعي الجاد وراء أشواق النفس وتطلعاتها وتحقيق رغباتها و توسيع مداركها و بناء شخصية مستقلة متفردة قادرة على اتخاذ قراراتها من تلقاء نفسها، وأن يكون دائم السعي وراء العلم والمعرفة وأن يعمل دوماً على ان يكون مصدراً للسعادة لكل من حوله لا أن يكون مصدراً للتعاسة لهم ولنفسه قبلهم. كما ويتوجب عليه أن يالبحث عن ذاته وينتشلها من بين ما علق بها من اوهام زائفة التصقت به طوال حياته فتوهم أنها هو وأنه هي. كما ويتوجب أن يكون للإنسان هدف سامٍ يعيش لأجله خلال حياته الطويلة، و عليه أن يعمل دائماً على أن يكون هذا الهدف دوماً نصب عينيه، فالسعي وراء الهدف يوضح الطريق أمام الإنسان كما و يعرف الإنسان بمغزى وجوده على هذه الأرض وفي هذه الحياة، فما أن يدنو أجله حتى يوقن تماماً أنه لم يضع أية ثانية من ثواني عمره هباءً منثوراً.