قبل أن يبعث النّبي عليه الصّلاة والسّلام بدعوة الإسلام كان يتعبّد لله تعالى في غار حراء، وقد جاءه جبريل مرّةً وهو يتحنّث ليطرق ووسائل على مسامعه الكلمات وعبارات الرّبانيّة الأولى التي أوقدت شعلة الرّسالة بقوله تعالى: ( اقرأ باسم ربّك الذي خلق )، ومن بين الآيات التي نزلت على النّبي صلّى الله عليه وسلّم قوله تعالى ( ياأيّها المدّثر قم فأنذر )، ومن هنا بدأت المهمّة الرّبانيّة التي كلّف بها النّبي الكريم وهي حمل الرّسالة وتبليغها إلى النّاس، وقد بدأ النّبي بالاستجابة إلى الأمر الرّبّاني في دعوة النّاس إلى دين التّوحيد، وقد اتّسمت الدّعوة الإسلاميّة بأنّها أخذت منحىً تدريجيًّا في الدّعوة، فتعرف على ما هى سمات الدّعوة في بداية الأمر؟ وتعرف على ما هى مراحلها التي مرّت بها؟
إنّ السّمة التي طبعت بها الدّعوة الإسلاميّة أنّها جاءت امتثالًا وتطبيقًا لقوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين)؛ حيث شرع النّبي عليه الصّلاة والسّلام بدعوة المقرّبين إليه فبلغت الرّسالة زوجته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها؛ حيث رضيت الإسلام دينًا، وآمنت بالرّسالة، ووقفت مع زوجها في السّراء والضّراء حتّى توفيت.
وكان من بين المقرّبين الذين آمنوا بالرّسالة علي ابن أبي طالب رضي الله عنه ابن عم رسول الله، وزيد بن حارثة مولى رسول الله، وغيرهم من السّابقين إلى الإسلام، وقد اتّسمت تلك المرحلة من الدّعوة الإسلاميّة بالسّريّة؛ حيث لم يؤمر النّبي بعد بالصّدع بها، وقد استلزمت عدّة أمورٍ أن تكون الدّعوة بهذا الشّكل منها: أنّ الإسلام كان في بدايته، وأنّ معظم الذين يؤمنون به هم من ضعفاء القوم ومن ليس لهم عشيرة تحميهم، وقد كان المؤمنون يجتمعون في دار الأرقم بن الأرقم خفيةً عن قريش وأذاها.
بعد ذلك جاءت المرحلة الجهريّة بعد المرحلة السّريّة للدّعوة، وذلك امتثالًا لقول الله تعالى: (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين)؛ فقام النّبي عليه الصّلاة والسّلام بالوقوف على جبل الصّفا والمناداة على بطون قريش وتبليغهم بأمر الدّعوة، وأرسل رسولًا لهم، ولم يلق النّبي الكريم منهم إلا التّكذيب حين ردّ عليه سائر القوم (تبّاً لك ألهذا جمعتنا).
وقد ساهمت عدّة عوامل في تقوية وتنمية الرّسالة في هذه المرحلة منها: إيمان كثيرٍ من الرّجال الأشداء الّذين كان لهم شأنٌ بين قومهم ومنعةٌ بين عشيرتهم ومنهم: أسد الله حمزة بن عبد المطلب، وعمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنهما. ثمّ انتشرت الدّعوة الإسلاميّة وأخذت طابع العالميّة؛ حيث أصبحت الدّعوة مهمّة كلّ مسلمٍ ومسلمة لإخراج النّاس من ظلمات الكفر والضّلال إلى نور الهداية والتّوحيد .