أرسل الله سبحانه وتعالى للبشر الكثير من الرسل والأنبياء ليهدوهم إلى طريق الحقّ والهداية، وأنزل معهم معجزاتهم وكتبهم، وقد ختمهم باصطفاء الرسول الكريم "محمد ابن عبد الله" صلّى الله عليه وسلّم، وأيّده بمعجزة القرآن الكريم لتكون المعجزة الخالدة إلى يوم الدين. وممّا لا شكّ فيه أنّ الدين الإسلاميّ هو الدين الحنيف والصحيح الذي يجب على كل بني البشر أن يهتدوا إليه ويسيروا على نهجه، لينالوا الجنّة في الحياة الآخرة. وقد شتّ كثير من الناس عن هذه الهداية، وذلك فقد كان على المؤمنين دعوة الناس للهداية إلى هذا الدين بعد وفاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وفي مقالنا هذا سنتحدّث أكثر عن الدعوة الإسلاميّة، وأهميّتها للمسلمين والإسلام بشكل عامّ.
الدعوة الإسلاميّة
يُقصد بالدعوة الإسلاميّة الدعوة إلى نشر الدين الإسلاميّ وإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى، وفهم الدين كما يجب بعقيدته الصحيحة والسويّة بكلّ ما فيها من فرائض، وعبادات، ونوافل، وأخلاق، على أساس واضح ألا وهو توحيد الله سبحانه وتعالى وعبادته وحده دون الإشراك به، والدفاع عن هذا الدين، وتصحيح كل المفاهيم المغلوطة التي استطاع أعداء الإسلام أن ينشروها عنه، والرد على الغرب بطرقٍ منطقية ومنهجيّة وشرعيّة.
ومن الآيات القرآنية الكريمة التي تؤكّد على أهميّة الدعوة الإسلاميّة قوله تعالى: "ومن أحسن قولاً ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال إنّني من المسلمين". فالدعوة إلى الإسلام وعبادة الله وحدة فريضة على كلّ مسلم، من أدّاها حقّها فقد كسب الدنيا والآخرة، ومن تقاعس عنها فقد خسر خسران الدنيا والآخرة.
تعتبر الدعوة إلى الإسلام من احسن وأفضل العبادات وأكثرها تقرّباً إلى الله تعالى، فقد كانت مهمّة الأنبياء الأولى وأشرفها، وقد وعد الله سبحان وتعالى من يؤدّيها حقّ أدائها بالأجر العظيم والثواب الكبير، كما أنّ الله سبحانه وتعالى أعلا منزلة هؤلاء، واعتبرهم من أحسن الناس قولاً وأشرفهم عنده.
ونشير إلى أنّ الرسول الكريم قد دعا لمن يقوم بالدعوة من بعده بالنضارة والنعمة والبهجة في حياته، يقول صلوات الله عليه: "نضَّر الله امرأً سمع مقالتي فبلغَّها؛ فرُبَّ حامل فقه غير فقيه، ورُبَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه"، وكذلك فقد جعل أجر من يهدي إلى خير بأجر فاعله: "من دلَّ على خير فله مثل أجر فاعله".
الدعوة لدين الله تعالى تكون بطريقين فرضهما الله علينا، إمّا باللين والحكمة والموعظة الحسنة، والاتصاف بأخلاق الإسلام الحميدة التي تحبّب الناس به، كما ورد في قوله تعالى: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ"، وإمّا بالقوةّ والشدّة والجهاد في سبيل الله، بقوله تعالى: "وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ". وبذلك نستنتج أنّ الدعوة لدين الله تعالى الإسلام من أسمى الأعمال التي وكّل الله بها أشرف خلقه، وبالطبع لها تأثير ونتائج كبير في زيادة عدد المسلمين، وزيادة قوّتهم وشوكتهم واتحادهم، عدا عن الأجر الكبير الذي يحصل عليه صاحب الدعوة.