الدعوة المُحمديّة
بُعث النبي محمد عليه الصلاة والسلام رسولاً وهو في الأربعين من عمره؛ حيث نزل عليه الوحي في غار حراء، وقد استمرت دعوته ثلاثاً وعشرين سنة، أي حتى الثالثة والستين من عمره، وجزء من هذه الدعوة كان في مكة، والجزء الآخر في المدينة، حيث استمرت دعوته في مكة ثلاث عشرة سنة، وبدأ عليه الصلاة والسلام دعوته بشكل سريّ، ولم يجهر بها إلا بعد سنوات، فكم كانت مدة هذه الدعوة سراً؟
مدة الدعوة سراً
استمرت الدعوة بشكل سريّ مدة ثلاث سنوات؛ حيث بدأت منذ تكليفه عليه الصلاة والسلام بالرسالة، حتى السنة الثالثة من البعث، ثم بعدها تم الجهر بالدعوة، ولكن هذا الأمر يستلزم منا معرفة سبب سرية الدعوة، وبمن بدأ عليه الصلاة والسلام دعوته، والعبادة التي فرضت على المسلمين في الدعوة السرية، ثم طريقة تحول الدعوة إلى جهرية.
سبب السرية في الدعوة
بدأت دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام في مكة، وقد كانت مكة آنذاك مركز دين العرب؛ لأن فيها الكعبة، والأصنام، والأوثان التي كانت تقدسها سائر العرب، فكانت الحكمة أن تكون الدعوة سرية حتى لا يهيج أهل مكة وتثور ثائرتهم، وهو لوحده عليه الصلاة والسلام، إذاً كان لا بُدّ أن تكون سريةً في بدايتها.
أوائل الأشخاص الذين دعاهم الرسول سراً
قام عليه الصلاة والسلام في أول يوم من البعث بدعوة الأشخاص المقرّبين منه؛ حيث لبّوه ودخلوا الإسلام، وهم زوجته أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، وصديقه خليفة المسلمين الأول أبو بكر الصدّيق رضي الله، وخادمه زيد بن حارثة رضي الله عنه، وابن عمه خليفة المسلمين الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ثمّ قام أبو بكر الصدّيق بدعوة الناس إلى الإسلام حتى أسلمت معه مجموعة، وكان الوحي ينزل على الرسول صلى الله عليه وسلم بالقرآن الكريم؛ حيث كان يجتمع مع من أسلم سراً، ويعلّمهم دينهم.
العبادة التي فرضت على المسلمين سراً
إنّ الصلاة هي أول عبادة فُرضت على المسلمين في الدعوة السرية؛ حيث كانت الصلاة ركعتين قبل طلوع الشمس وركعتين قبل غروبها، وكان المسلمون يبتعدون عن أهل مكة ويختبئون عنهم عند أداء الصلاة.
وصول الخبر إلى أهل قريش
نتيجة التزايد في عدد الأشخاص الّذين دخلوا إلى الإسلام أثناء الدعوة السرية، بدأت أخبار الرسالة تشيع بين أوساط أهل قريش، ولم يهتموا بذلك، إلا أنّ خوفهم كان منصبّاً من أن تصل أخبار هذه الرسالة إلى من هم خارج مكة.
تحول الدعوة من سرية إلى جهرية
بعد ثلاث سنوات من الدعوة السريّة جاء أمر الله عز وجل بالدعوة جهراً؛ حيث نزل الوحي على الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) (الآية: 214، سورة الشعراء).