من منا لم يسمع بزوجة أبي لهب، كيف لا وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم بسورة كريمة لطالما ترددت على مسامعنا، وهي سورة المسد حيث جاء ذكرها في قوله تعالى: " وامرأته حمّالة الحطب "، وقد ورد ذكرها هنا لشدة إيذائها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كانت تعاون أبي لهب في إيذاء النبي وتجتهد في ذلك، وكانت أيضاً تنشر النميمة بين الناس وذلك بتحريضهم على الدين والرسول صلى الله عليه وسلم.
أما عن اسمها فلقد كانت زوجة أبو لهب من كبار سيدات قريش و اسمها أروى بنت حرب بن أمية، أخت أبي سفيان، وكان يطلق عليها أم جميل.
تعتبر أم جميل زوجة عم النبي وهناك نسب بينها وبين الرسول صلى الله وعليه وسلم فقد كان ابنيها عتيبة، وعتبة متزوجان من بناته صلى الله عليه وسلم، حيث كانت أم كلثوم زوجة عتيبة، ورقية زوجة عتبة.
وغير ذلك كانت أم جميل تقطن في بيت مجاور بل ملاصق لبيت خديجة بنت خويلد زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ما ساعدها على أن تكون شديدة الإيذاء له ولزوجه.
ومن شدة حقد أم جميل على نبينا محمد كانت قد طلبت من ابنيها عتيبة وعتبة أن يطلقا أم كلثوم ورقية وهددتهما وقالت لهما: " رأسي برأسيكما حرام إن لم تطلقا ابنتي محمد"، وما كان لهما إلا أن يرضخا لها، وذهب عتبة إلى النبي محمد وتفل في وجهه ورد له ابنته وقال له إني أكفر بالنجم الذي هوى، وعندها حزن النبي و دعا عليه وقال: " اللهم سلّط عليه كلباً من كلابك"، فافترسه الأسد.
حاولت أم جميل قتل النبي صلى الله عليه وسلم ذات مرة، فأخذت بيدها قطعة حادة تشبه السكين، وذهبت إليه وهو في المسجد الحرام وبجانبه أبو بكر الصديق، وعندما وصلت لم ترى النبي، وقالت لأبي بكر: "بلغني أن صاحبك يهجوني ويهجو زوجي، فوالله لو وجدته لضربته بهذه – مشيرة إلى القطعة الحادة التي بيدها – على وجهه "، وأخذت تردد " مُذمماً عصينا، وأمره أبَينا، ودينه قلينا "، وكانت تقصد بمذمماً أي محمداً، وقلينا أي كرهت دينه، وعندما انصرفت قال أبو بكر يا رسول الله أما تراها رأتك، فقال صلى الله عليه وسلم : "ما رأتني ،لقد أعمى الله بصرها عني".
حق لنا أن نتعرف على هذه المرأة، ليس لإعطائها قيمة أو ذكرها، بل لنعلم شدة حقدها على نبينا محمد، وكيف كان يصبر على إيذائها وهي التي كانت تتفنن في أذيته، لذلك ذُكرت بالقرآن لكي يبشرها بعذاب الآخرة، وهي النار التي تحمل فيها الحطب، لتكون معاونة لزوجها في حرقه بنار الآخرة كما كانت معاونة له في الدنيا بأذيته للنبي صلى الله عليه وسلم.