يبدو غريباً و صادماً أحياناً أن تعرف حقيقة النّسر، هذا الطير الأسطورة و الذي لطالما تغزّل فيه الكثيرون من الغرب و العرب في زماننا هذا و مدحوا قوّته، إلا أنّ الحقيقة مختلفة تماماً !.
النّسر هذا الطّائر الذي كانت العرب تزدريه لما عرف عنه من أنه طير لئيم، و معروف لدى العرب أيضاً بالجبن، حيث قال الجاحظ عنه في كتاب الحيوان ( 6 / 334 ) : ( والنّسر ذو منير وليس بذي مخلب، وأنّما له أظفار كأظفار الدجاج، وليس له سلاح، وإنّما بقوة بدنه وعظمه، وهو سبع لئيم عديم السلاح، وليس من أحرار الطير وعتاقها )، و لا يستطيع النّسر الصيد و لا يقوم به بل يقتات من الجيف ( الجثث الميتة )، حيث يستطيع بنظره الثاقب رؤية الفريسة الميّتة من بعد كيلومترات عدة، فيحوم حولها ثم ينقص لنهش لحمها، و منقاره كبير و قوي و حاد يستطيع أن يمزق الجيفة بسهولة، و لكن ما إن يمتلئ بطنه من الجثّة الميتة حتى يحوم حولها لعدم قدرته على الطيران مباشرة بعد الطعام.
وقديماً لم يعرف عن العرب أنهم أطلقوا إسم ( نسر ) على أولادهم، بل يطلقون إسم (عُقاب ) لما يحمله هذا الطير من صفات الشجاعة و الإفتراس و صيد الغنيمة و القوة.
في عمر الأربعين، يحدث شيء غريب للنّسر و عليه أن يتخذ قراراً خطيراً بشأنه، حيث يثقل ريشه و يضعف منقاره، فلا يعود قادراً على التهام فريسته و لا يستطيع الطيران، و هنا على النّسر أن يتخذ قراراً صارماً للإستمرار في الحياة و المضي قدماً فيها.
في عمر الأربعين و بعد أن يثقل ريشه و يضعف منقاره، يطير النّسر الى عشه على قمة عالية، و هناك يبدأ بضرب منقاره بصخرة قوية حتى يكسره ،و يبدأ بنتف ريشه الذي أصبح لا يستطيع الطيران، و على الرغم من أن هذه العملية قاسية و مؤلمة إلا أنها تنقذ حياته، فبعد مئة و خمسون يوماً من كسر منقاره و نتف ريشه، ينمو له ريش جديد و منقار قوي جديد ليعود النّسر إلى حياته بقوة، و يعيش النّسر بعد ذلك بمعدل ثلاثون عاماً جديدة .
و تستمر الحقائق الصّادمة عن هذا الطير في الظهور، حيث أن معظم النسور تموت انتحاراً بأن تسقط من أعلى مرتفع تصل إليه، و يكون ذلك في عمر يتراوح بين الأربعين و المئة عاماً، حيث تكثر الأمراض بهذا الطير، فيرتفع إلى قمة عالية، و يضم جناحيه إلى صدره و يقفز منتحراً.