ظاهرة انتحار الحوت ، هي من الظواهر الغريبة التي تحدث ، بأن يقوم الحوت بإلقاء نفسه على الشاطئ ، بعيداً عن المياه أي الوسط الصحيح لمعيشته ، وبذلك يموت الحوت بسبب تعرّضه للجفاف ، فينهار جسده بسبب وزنه الكبير ، أو قد يصاب بالغرق ويموت إثر ذلك ، بسبب المدّ الذي يحدث في البحر فيؤدّي لتغطية فتحات التنفّس لديه .
يجد المهتمين بأنّ هنالك 2000 حيوانٍ وأكثر ، يلقون بأنفسهم إلى الموت انتحاراً على الشواطئ ، ولكن رغم هذا العدد الكبير إلاّ أنّها تكاد لا تشكّل الخطر الهائل بالنسبة لحيوانات البحار ، إلاّ الحوت ، حيث وجد أنّ هنالك عشرة أنواعٍ من الحيتان هي من تقوم بفعل الانتحار الجماعي ، ووجد أيضاً بأنّ هنالك عشرة أنواعٍ إضافيّة ، من النادر ما تقوم بمثل هذا الفعل الجماعي ، ووجد بأنّ أغلب هذه الحيتان المنتحرة هي من الحيتان ذات الأسنان .
إنّ أغلب الحيتان التي تتصّف بـ ( ذوات الأسنان ) تعيش بشكل جماعات ، يكون بينها روابط كبيرة ، وتعيش في الأماكن الأكثر عمقاً ، ومن أنواعها حوت العنبر ، والحيتان المنقارية ، والحيتان الطيارة ، والحيتان القاتلة ، ودلافين المحيطات، وتعرف الحيتان بقيامها بالنزوح من مكان لآخر ، وقد تكون بالنزوح أنواع عديدة ، وأحياناً ينزع نوع واحد فقط ، ونشاهد جثث الحيتان الميّتة تطفو في سطح الماء ، وقد تقوم التيارات الهوائيّة بحملها إلى الساحل بفعل الرياح ، وبسبب موت الحيتان بأعداد كبيرة ، يقوم الكثير منهم بالنزوح فتتعرّض أغلبها للجروح والأمراض ، وقد تهلك أيضاً وتموت ، حيث تتعفّن أغلب هذه الجثث على السطح .
يرى أغلب العلماء بأنّ عملية الانتحار التي تقوم فيها الحيتان وأيضاً بعض الأسماك ، قد يعود سببها التأثّر الشديد بالسموم المنتشرة بالبحر ، وعلى وجه الخصوص الكيماويّة ، وأيضاً هنالك السموم البيولوجيّة، ويرى أيضاً بأنّ السبب في الانتحار هو مرض الحيتان ، حيث وبسبب مرضه ، يتعرّض الحوت لتشوشّ في معرفة تحديد اتجاهاته ، وقد يحدث أن يكون القائد بينهم هو المريض ، وأثناء هجرتهم السنويّة ، يقوم بتحديد مسار رحلتهم بشكل خاطئ ، ليتبعه البقيّة ، ويكون الموت حليفهم .
وأيضاً أكّد بعض العلماء بأن هنالك بعض الظواهر البيئيّة كارتفاع حرارة الكرة الأرضية قد تؤدّي لفقدان إحساس الحيتان بالاتجاهات ، وأيضاً ربّما تأثير ونتائج موجات السونار القصيرة والمتوسّطة الصادرة عن السفن التي تقوم بنزع الألغام الموجودة في البحر ، قد تؤدّي لإرباك هذه الحيتان وتشتيتها عن الاتجاهات، و يعتقد بعض العلماء بأنّه ونظراً لقدر الحيتان الكبيرة في تحسّس المغناطيسيّة الأرضيّة ، فإنّها قد تنتحر نتيجة ضياعها عنها وعدم قدرتها على تحسّسها، وقد سجّل في نيوزيلاندا انتحار أعداد هائلة من الحيتان وأيضاً الدلافين ، إذ اتجهت إلى الشاطئ ، حيث قارب العدد من الآلاف .