كان لمصر عبر التّاريخ مكانةً و دوراً رياديّاً ، فقد حكم الفراعنة هذه البلاد لآلاف السّنين ، و على الرّغم من فساد معتقداتهم و شركهم إلاّ أنّهم كانوا يملكون حضارةً عظيمةً ، فقد بنوا الأهرامات التي ظلّ سرّ بنائها لغزاً حيّر العلماء و الباحثين إلى وقتنا الحاضر ، و كذلك ابتكر الفراعنة أسلوباً لتحنيط الموتى بحيث يتمكّنون من حفظ أجسادهم بعد الممات ، و قد تكّلم القرآن الكريم عن هذه الظّاهرة بإعجازٍ علميٍّ حيث قال تعالى ( فاليوم ننجّيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية ) ، و قد اغتر الفرعون بقوته و جبروته و ظنّ أن لن يقدر عليه الله سبحانه و تعالى ، فعندما أتاه نبيّ الله موسى بالآيات و المعجزات تصديقاً لرسالته ، أبى فرعون الإيمان بالله و جحد آياته و استكبر استكبارا عظيماً ، و كان اغتراره بزعم أنّه يملك زمام حكم مصر و أن الأنهار تجري من تحته ، فقد ادعى الألوهية و كفر بالله فكان عاقبته أن أغرقه الله وجنده في اليمّ فكان عبرةً للظّالمين المستكبرين إلى يوم القيامة .
و قيل في سبب تسمية أرض مصر بأرض الكنانة لسببين أوّلها نسبةً إلى المخزن الذي يوضع فيه السّلاح أو السّيف ، و قيل بسبب أنّها أرض النّيل .
و قد سيطر الرّومان على أرض مصر فترةً من الزّمان قبل أن يدخل الإسلام فاتحاً لها و محرراً ، فقد كان الرّومان يعاملون أهلها معاملةً سيّئةً بسبب اختلاف ديانة الرّومان عن ديانة أهل مصر ، فقد كان أهل مصر أقباطاً مسيحيّين و كان الرومان وثنيّين ، و كذلك كان الرّومان يعتبرون مصر مخزن غلالٍ للقمح لهم ، فهي تشكّل لهم مورداً اقتصادياً هاماً ، فحاول المسلمون في بداية الأمر إرسال رسائل إلى حكّام مصر ، بدأها رسول الله صلّى الله عليه و سلّم حين أرسل رسالةً إلى المقوقس حاكم مصر فردّ المقوقس رداً حسناً و بعث بهديةٍ إلى النّبي عليه الصّلاة و السّلام ، و قد تنبّأ النّبي الكريم بفتح مصر و أمر بأن يستوصى بأهلها خيراً ، فإنّ لهم ذمةً و رحماً ، فأمّ إسماعيل هي هاجر التي هي من مصر تزوّجها سيدنا إبراهيم عليه السلام ، و كذلك تسرّى نبي الله بماريّة القبطيّة التي أهداها له المقوقس فكان ذلك هو الذمّة و الرّحم ، فلا يخفى فضل مصر و مكانتها على أحد .