الحمدلله الذي جعل لنا شهراً نغتسل فيه من خطايا علقت في نفوسنا، وما اجترحناه من الذنوب، الحمد له إذ أمهلنا، ومنحنا شهراً كاملاً نتوب فيه، ونعوض ما فاتنا ونعد لآخرتنا .
إن رمضان شهر التوبة والغفران، شهر فضيل تضاعف فيه الحسنات، وتصفد فيه الشياطين، وتحل فيه البركات. على المسلم أن يسارع في الخيرات فيه، ويغتنم هذا الشهر الفضيل بالعمل الصالح، والاستغفار وكثرة الصدقة، والصلاة وإعانة المحتاج وإعالة الفقير .
إنه شهر التكافل والتراحم، وصلة الرحم والإحسان إلى الخلق . شهر الإحسان إلى الجوار، وتفريج الكرب عن اليتامى والمساكين، شهر التواد بين المسلمين، إنه شهر القرآن والعتق من النيران، والبعد عن آثام اللسان والجوارح والجنان . "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى? وَالْفُرْقَانِ ? فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ? وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى? سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" . وقال - صلى الله عليه وسلم-: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ).
إن الصحابة - رضوان الله عليهم- كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر قبل مجيء رمضان بأن يبلغهم إياه، وبعد مضيه يدعونه الستة أشهر المتبقية ليتقبل منهم، وكانوا يكثرون من: " اللهم إنك عفوٌ تحب العفو فعفو عنا " إقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام -. كان النبي - صلى الله عليه وسلم- إذا أتت العشر الأواخر من رمضان شد مئزره، واعتكف لربه وقام ليله، وأكثر من تلاوة القرآن الكريم، وبذلك كان الصحابة الكرام يفعلون نفس الشيء؛ فيعبدون الله تعالى حق العبادة، ويحسنون إلى عباده، ليكونوا من عتقاء هذا الشهر المبارك.
إن شهر رمضان خير الشهور عند الله تعالى، فمن فاته صيامه وقيامه وحسن اغتنامه فاته الخير كله، ومن يدري لعل من شهد هذا الشهر في هذه السنة لا يشهده في السنة القادمة. وسمي رمضان بهذا الأسم من الرمض وهو الحر الشديد، والرمضاء هي الصحراء، ويعرف اصطلاحاً أنه امتناع الصائم عن الأكل و الشرب والجماع من الفجر حتى غروب الشمس . وفيه حدثت معركة بدر معركة الفرقان، وفيه ليلة القدر خير من ألف شهر، نزل فيها القرآن الكريم على سيدنا محمد – عليه الصلاة والسلام –، وتتنزل فيها الملائكة، فهي الخير والسلام حتى طلوع الفجر.