تشد الأشياء والحوادث والأمور الغريبة انتباه الناس فيتعقبونها، فكيف إن كان الأمر شجرة عجيبة الشكل والمنظر، نادرة الوجود ومهددة بالانقراض ولقبت بلقب أغرب شجرة بالعالم.
هذه الشجرة هي شجرة دم الأخوين، ولهذا الاسم أسطورة تقول أن الشجرة نبتت من أول قطرة دم سفكت على وجه الأرض حينما تقاتل هابيل وقابيل فسفكا دم بعضهما، وظهرت هذه الشجرة وكان ذلك على جزير سوقطرة، وهي شجرة تم تقديسها في الديانات القديمة كالآشورية حيث وجدت نقوشات عديدة تحمل رسم الشجرة.
كما تسمى بشجرة التنين، وهي التي تشبه في شكلها الفطر ولكنها على أضخم وأطول، ومن عجائبها أنها إذا خدشت سال منها سائلاً كالدم لونه أحمر، وهي توجد في مكان واحد بالعالم ولهذا هي مهددة بالانقراض وعدم وجودها مرة أخرى، حيث تتواجد في جزيرة سوقطرة اليمنية وجبال ظفار في سلطنة عمان.
والسبب في وجود سائل أحمر قاني اللون هو مادة الداركا، وهي تشكل نسبة تتراوح من 50% إلى 60% من الشجرة، وكانت تستخدم قديماً في الاستطباب والتداوي واستغلت كحبر ومادة صبغية.
وكذلك تستخدم هذه الشجرة في علاج و دواء التقرحات الجلدية وتقوية وتنمية الجهاز الهضمي وتستخدم كمطهر للثة، وهي سريعة التفاعل في وقف أي نزيف يحدث داخل الجسد، وتستخدم في صناعة المراهم الطبية، كما تدخل في صبغ قطع الرخام وصناعة الرخام، ويستغل في تزيين جدران المنازل والرسم على الأواني الفخارية وتدخل أيضاً في صناعة الورنيش.
و من أهم سمات الشجرة بالإضافة إلى شكلها الخارجي تحملها للجفاف، حيث تختزن الماء لسنوات طويلة؛ وتنمو هذه الشجرة في الأماكن العالية ذات الأرضية الصخرية، وأيضاً يميزها الراتنج قرمزي اللون الذي يتم استخراجه من لحاء الشجرة ويستخدم في الصباغة، وهو مادة صمغية يتم أخذها من حراشيف الثمار وقشر النبات بعد أن يتم تجميده في أشهر فصل الصيف ومن ثم كشطه لاستخراج المادة الصمغية برفق لاستخدامها في مجالات متنوعة.
وظهرت الشجرة على سطح الأرض قبل خمسين مليون عام، ونشأت في بيئة حوض البحر المتوسط ووجدت في سوقطرة لاحتوائها على أشجار نادرة وحيوانات ونباتات وأعشاب قلَّ وجودها على سطح الأرض، مما جعلها محمية طبيعية لا مثيل لها في العالم أجمع.
ويستخدمها أهل اليمن كثيراً ويتفاخرون بها، فالتداوي الشعبي هناك شائع، حيث يستخرجون المادة ذات اللون الأحمر منها ويصنعون منها أدويتهم الخاصة ويعالجون نفسهم بنفسهم، فمنذ القدم لليمن حكايات مع هذه الشجرة تناقلتها عبر الأجيال حافظة خصائصها وسماتها كتراث وهوية يفخر بها.
وقلما توجد حاجة لطبيب عند اليمنيين فهم اعتادوا على التأقلم مع البيئة المحيطة واستغلوا النباتات النادرة والأعشاب في معرفة خواصها الدوائية وكانت التجربة عندهم خير برهان ليثبتوا بها صحة اقوالهم، حتى كاد الغرب مدركاً لسر شجرة دم الاخوين وعمل جاهداً للحصول على مستخلصاتها لصنع الأدوية الكيميائية وإضافتها للبراهم والكريمات العلاجية.
