إن المشاكل وعيوب الزوجية مثلها مثل أي نوع آخر من المشاكل، والمشكلة تنشأ عادة عند وجود معوِّق يحول بين طرفين من أن يصل أحدهما إلى مبتغاه وهو بكامل الرضى والقبول. المشاكل وعيوب تتواجد في جميع مناحي حياتنا اليومية، ولكن ما يُميِّز المشاكل وعيوب الزوجية عن غيرها؛ هو أنها عادة تكون أكثر وضوحاُ والأكثر تأثيراً وبشكلٍ سلبي على المجتمع، وما يزيد من استعار نار هذه المشاكل وعيوب هو الثقافة المجتمعية؛ والتي في أغلب الأحيان تُعطي حقوقاً أو تنزع امتيازات من طرف على حساب الآخر.
العودة إلى الأساسيات، هذه هي أسلم واحسن وأفضل طريقة لحل المشاكل وعيوب الزوجية للطرفين، والتي توصلهما إلى منتصف الطريف ليتلاقيا بمودة ورحمة. العودة إلى الأساسيات هي وبكل بساطة كتعرف ما هو واضح من اسمها؛ هي العودة إلى ما كانت عليه الأمور أيام الخطبة، حيث أن العلاقة في تلك المرحلة كانت تقتصر على الكلام والحوار. فأنا لم أسمع عن خطيبين تشاجرا على أكلة معينة أو على أي جانب من الغرفة سيجلس، ولكن كان جُلَّ اهتمام كل فردٍ منهما أن يرضي الآخر وينقل وجهة نظره بطريقة لبقة حضارية.
ماذا جرى لهؤلاء المتحابين بعد أن أُغلق عليهما بابٌ واحد؟ أبدلاً من أن يزداد الحب والود بينهما؛ تنشأ الخلافات على كل الأمور؟ والسؤال الأصعب، هو لماذا تتفاقم هذه المشاكل وعيوب وتصل إلى حد النزاع؟ لقد كنتما هادئين حضاريين في السابق. أعلم أن فترة الخطبة يسميها الكثيرين بأنها "فترة الكذب والنفاق"، ولكن يمكن الإستفادة من مضمونها لحل كل المشاكل وعيوب الزوجية. فخلال هذه الفترة كانا يتناقشان ويتحاوران في كل أمور حياتهما المستقبلية، وكانا في معظم الأحيان يصلان إلى نتيجة مرضية للطرفين، والآن بعد أن اجتمعا تحت سقفٍ واحد؛ لا يستطيعان أن يُحلا أمراً يومياً عادياً، بعد أن كانا متفقين على المستقبل.
انعدام الحوار والتزمت الشديد لكلٍ منهما، هو ما أدى إلى أن يُصبح الموضوع مشكلة زوجية. فالوضع الطبيعي هو وجود خلافات بين الطرفين، ولكن الشاذ عن القاعدة؛ هو تطور هذا الخلاف إلى مشاحنة صاخبة؛ ثم إلى مشكلة يراها الجميع أنها معضلة لا حلَّ لها. وربما تتفاقم أكثر وتصل إلى حد الفراق. لم تنشأ المشكلة من فراغ، لم تنشق الأرض لتنبت لكما مشكلة، أنتما من أثارها؛ وأنتما وحدكما مّنْ بيده حلها، إن ازدياد الأطراف وتعدُّد وجهات النظر لن تترك لكما شيئاً إلا الرماد لتقتاتى به.
لا يا سادة، أنا لا أعيش في المدينة الفاضلة، ولا أدَّعي الكمال، ولكن كل مشكلة ولها حل، والمشاكل وعيوب الزوجية لا تختلف عن غيرها، وأنا ضد التنازل التام من أي طرف للآخر، التنازل لا يحل مشكلة، وإنتعرف ما هو كالبارود في الرصاصة، ينتظر الضفط لينفجر ويُطلق رصاصته القاتلة التي لاي مكن الرجوع عنها. ولكن لنبقي موضوعنا بسيطاً، تحاورا وتناقشا، يمكن أن تُقدم التنازلات من الطرفين؛ حتى يلتقيا في منتصف الطريق.
عزيزي الرجل، إرغامك زوجتك على أن تتنازل عن أنوثتها لك؛ ليس رجولة. عزيزتي المرأة، طلبك أن يتخلى زوجك عن كل مباديئ رجولته لأجلك؛ ليس أنوثة. الرجل جميل في موقعه، والمرأة كبيرة في موقعها. اكبرا معاً وتعاظما معاً، ولا تتكبرا فتصفرا، ولا تتعاظما فتنتهيا. تحاورا ولا تتحاربا، وابقيا لبعضكما، فليس لكما سواكما.