الحمد لله الذي خلق البشر مختلفين، متنوعين في أخلاقهم وتصرفاتهم، ومهاراتهم وأفكارهم، بل وحتى ردود أفعالهم، وصنع لذلك ميثاقاً أسسه بين الرجل والمرأة، الذين هم نواة المجتمع برابطة الزواج الذي بينهما، ثم توسعت الدائرة إلى داخل الأسرة، ثم المجتمع، ثم القبيلة، ثم المدينة، ثم الدولة، ثم البشرية، ثم العالمية الأولى، ثم العالمين، ليتعارف الناس، وليكون بينهم التصارع إلى الأبد.
لعل مقدمتي غريبة جداً، ولكن الهدف منها عزيزي القارئ، أن تضع في رأسك، أن المشاكل وعيوب بين الزوجين فرض إلهي، لا بد من وقوعه بينهما، فلا يمكنك أن تجد نسخة مطابقة لك في كل شيء، وليس كل ما تتمنى تتحصله في كل وقت، فلكل وقت حال ومزاج، وفعل يخالف ردة فعل عن موقف آخر، ولذلك فإن من العار أن ندعو المشاكل وعيوب الزوجية بآفة لا مكان لحلها، فحينها نكون ألغينا أنفسنا من فرض الإله علينا، وأسبلنا ستارا لا نستطيع إزاحته عن قلوبنا، فيبدأ البغض ينقض حياتنا، لمجرد مرور زوبعة من زبد بحر لا يوزن شيئا في كفة، ما عاشه الزوجين مع بعضهما البعض من سنين، ومن أسرار التمت عليها ضلوعهم وأطرافهم.
بعد أن تعرف عزيزي القارئ أن المشاكل وعيوب الزوجية لا بد من الحدوث، لا بد من أن نضع تصنيفا واضحاً للمشاكل وعيوب الزوجية، فإنها تتدرج إلى أنواع، أبدأ بأشدها، وهي: الخيانة الزوجية، وتتدرج حتى الغضب في حالة العسرة المادية، أو الضحك في حال الضنك من أحدهما.
وسأنحو في تصنيفها أربعة أوجه:
الأول: وهو كبير متعسر، كالخيانة وعلى شاكلته، فهذا لا حل له بغير الطلاق ؛ لأنه نذير شؤم على الطرفين، ولا سبيل لإصلاح ما فسد بينهما أبداً، فالزواج يرتكز على جذر الثقة، وبما أنه انتزع فلا مجال لعودته مجددا، كورقة ضغطتها بيدك، ثم أردت أن تعيدها حالتها الأولى، فإنها لا تعود مهما حاولت ترميم ذلك.
والثاني: مشاكل وعيوب الأطفال والمسئوليات، فإنها تتنوع على نوعين: الأول يتعلق بعدم القدرة، والثاني بالقدرة، فالأول بعدم قدرة الزوجين على الإنجاب، وهذا حله سهل لمن كان الحب صداق زواجه، وإن كان من الصعب، فإنهما يستطيعان الاهتمام بيتيم من دور الأيتام، أو أن يتزوج الزوج ثانية، إن كانت زوجته من لا تنجب، وإن كانت العلة به، فلزوجته الصبر عليه ما أمكنها، والثاني في القدرة أي الإنجاب، ثم عدم القدرة على تحمل مسؤوليتهم، وذلك يأتي على طيفين في الحياة الزوجية، طيف عند بداية نموهم الأول عند سن ال7 سنوات، أي دخولهم المدرسة فتبدأ الحياة تنقلب من الحب إلى الرعاية، وهنا يأتي الخروج في العطل آخر الاسبوع، وتقديم الهدايا والتودد حل ناجع لهذه المشكلة، والطيف الثاني عند عمر 18 سنة، ويبدأ فيها الاطفال بالبلوغ، ويشعر الزوجان بانتهاء مهمتهما، فيبدأ الخلاف، والشعور بالتحرر من بعضهما البعض، وحل هذه صعب، ولكنه بسيط، حيث تقديم الهدايا أمر جميل جداً، والتودد واللطف في المعاملة لأعلى قدر من الطرفين.
أما الصنف الثالث من المشاكل: فهو ما يتعلق بالمال، ويكون ببحث الزوج عن مصدر عمل يناسبه، ويناسب انفاقه، ويبتعد عن الاستلاف من الآخرين أو القروض، فإنها بداية انهيار الزواج، وعلى الزوجة أيضاً أن تقدر حالة زوجها، فلا ترغمه ما لا يستطيع، وتخفف عنه حاله.
أما الرابعة: فهي توافه الأمور، بعدم الاهتمام، أو الانشغال عنها أو عنه، ويكون حلها ببعض الذكاء، الذي أترك مجال الإبداع فيه مفتوحاً للزوجين.