الحب
هو تلك الحالة القلبية التي إذا تملكَّت من شخصٍ؛ فإنها تعمل على تغيير حياته وتقلبها رأساً على عقِب. الحب ليس ضيفاً، بل هو مُقيم لا مجالَ للتخلُّص منه، وأحياناً يكون هذا المُقيم ثقيل الدم؛ ولكنك لا تستطيع أن تتخلَّص منه. في بعض الأحيان؛ يكون الشخص يُحب ولكنه يعلم حقَّ اليقين بأن حبيبه لا يُحِبه، فهذا عذابٌ ما بعده عذاب، وقد يكون لا يعلم مشاعر حبيبه تجاهه، حيث أنهما قد يكونان في نفس حالة الحب؛ ولكن كلٌّ منهما مُتكتِّمٌ على هذا الحب ويرفضُ البوح به لأسبابٍ تتعلَّق به. وقد ترى شخصاً في حياتك يُحِبُّك وأنتَ لا تعلم، وهو لن يبوحَ لك بما يعتمِلُ في صدره من نارٍ تأكله.
الحبُّ هو ما يجعل القلب يخفق والعين تُراقِب واللسان يتكلَّمُ بفصاحة، فالذي يُحب – ومهما كان بارِعاً في إخفاء مشاعره – لا بُدَّ وأن تصدُ ر منه إشارات تدلُّ على هذا الحب؛ وخصوصاً في حضور المحبوب. إخفاء الحب أمرٌ ليس باليسير، فلا يمكن أن يتحكم الإنسان بكل تصرُّفاته ولا إيماءاته، فهناك امورٌ تخرج منه دون سيطرةٍ منه، وكأن القلب يرفض هذا النوع من التطويع، ويُصدِرُ الأوامر إلى كافة أعضاء الجسم رغماً عن العقل؛ لتقوم بإرسال تلك الإشارات للمحبوب؛ ليُبلِغَهُ بمقدار حبه له؛ رغماً عن الرفض القاطع للشخص.
إشارات تصدر من الشاب عندما يحب
هُناك فرقٌ كبير بين الإشارات التي يُصدرها الشاب عند محبته لفتاة، وبين الإشارات التي ترسلها الفتاة عند وقوعها في حب شاب. فنظراً لاختلاف طبيعة كلٍّ منهما؛ فإن الإشارات أيضاً ستختلفُ تبعاً لذلك. فالشاب عندما يُحب يقوم بالإهتمام بنفسه أكثر، سيرتدي كل يومٍ شيئاً جديداً، سيرُشُّ العطر ويشتري منه أنواعاً جديدة كل فترة، تراه في حضرة محبوبه هادئاً رزيناً، يُحاول بأي طريقة أن يتقرَّب من تلك الفتاة وأن يعرف عنها أي شيء ممكن، سيحاول أن يعرف أكثر عن شخصيتها، عن أي الأمور التي تحبها والتي ترفُضُها، يُحاول أن يعرف الأكل المفضَّل لديها، أكثر الألوان التي تحبُّ ارتداءها أو رؤيتها. الشاب يهتمُّ كثيراً بالتفاصيل، فإذا كان ينظر كثيراً فهو يُدقِّق بالتفاصيل في الفتاة التي يُحبُّها، وليس الأمر مرتبطٌ بأي حالِ من الأحوال بأي أمورٍ جنسية، فالجنس عند الحبيب هو مُجرَّد وسيلة وليست غاية، فغايته هي الإرتباط بمن يُحب. أكبر الإشارات التي يمكن استقبالها من الشاب وأكثرها شيوعاً إذا أحب؛ هي التردد، فإن كان متردداً في كلامه أو أثناء خروجه مع فتاة بعينها؛ فهذا دليلٌ على حبه لها، فهو لا يستطيع أن يخبرها عن حبه؛ ويخشى أن تعرف أنه يحبها، فيكون متردداً في أغلبِ تصرُّفاته، وكأنه يُراقبُ نفسه حتى لا تخرجَ منه بادِرةٌ توحي لها بحبه؛ فتخونه حركاته.
إشارات تصدر من الفتاة عندما تحب
أما الإشارات التي تصدُر من الفتاة إن هي أحبَّت؛ فهي أيضاً تهتمُّ بالتفاصيل، ولكنها تهتمُّ بتفاصيله معها، طريقة كلامه معها وتصرُّفاته، فهي تُقارن هذه التصرُّفات بتصرُّفاته مع سواها؛ لتبحث فيها عن أيِّ أمرٍ خارجٍ عن المألوف. بحثها عن أكلته المُفضِّلة ولونه المُفضَّل؛ حتى تتمكَّن من أن تلبسَ له اللون الذي يُحِبه؛ وإن خرجا إلى مطعمٍ فلا ترفض ما يُحبُّه حتى وإن كانت لا تاكله، بل ترفض بأسلوبٍ لا يجعله بنفِرُ منها، فمثلاً لو كانت هي نباتية ومحبوبها يُحبُّ أكل اللحم، فهي في هذه الحالة لن ترفُضَ اللحوم بشكلٍ هجومي حتى لا تُنفِّره منها، فهي تريدُ جذبه إليها لا إبعاده عنها. الفتاة بطبيعتها تحبُّ أن تبلس في كل يومٍ شيئاً جديداً، ولكن إن أحبَّت؛ فإنها ستلبس ما يُرضي حبيبها، لن تشتري العطور كما كانت معتادة فيما سبق، بل ستركِّز شِراءها على أكثر العطور التي أحبها حبيبها. تسأل عنه إذا غاب ولكن بطريقة عرَضِية، أي وكأنها ليست مهتمة، تستقبله بصورة عادية؛ وربما لا تستدير له عند وُصوله، فهي لا تريد أن تصله أية إشارة منها قبل أن يعترفَ له بحبه.
دلائل مشتركة
الأمر المُشترك بين الشاب والفتاة في موضوع إشارات الحب؛ هي الغيرة، الغيرة بطبيعتها هي دليل الحب، فمن لا يُحبُّ شخصاً لن يغار عليه، ولكن إذا أحبه سيغار عليه من كلِّ قلبه، ولكن في تلك المرحلة؛ فالغيرة في نظر الطرفين ليست شيئاً جيداً لأنها ستُظهِرُ ما يجبُّ أن يتم إخفاؤه، فتكون النظرات النارية هي الوسيلة الوحيدة ولكن بدون أي تصرُّف آخر. وما يتبع الغيرة هي لحظات الغضب الغير مبررة سواء من الشاب أو من الفتاة؛ وغالباً ما ينصبُّ هذا الغضب على طرفٍ ثالث لا عِلاقة له بالموضوع، حيث أن من يغار لا يستطيع أن يقول بأنه يغار من موقفٍ رآه؛ حيث أنه ليس من حقه أن يغار لأن الموضوع لم يصِل إلى تلك المرحلة بعد. الغيرة سِلاحٌ ذو حدين، فهي إما ستدمِّر هذا الحب قبل أن يرى النور؛ أو انها ستُسارع إلى إنهاء هذه الحرب الباردة؛ وذلك بقيام احد الطرفين بالإعتراف بحبه حتى يتخلَّص من هذا العذاب الذي يمنعه من النوم ليلاً.
فلكل من يعتقد بأنّ هنالك شخصاً يُحبه وليس متأكداً من ذلك بعد؛ يجب عليه أن ينتبه إلى الإشارات التي تصدر منه ويراقبها جيداً، ويعمل على مقارنتها بتصرفات هذا الشخص في حياته العادية مع أشخاصٍ آخرين، فإن هو وجد اختلافاً في تلك التصرُّفات بما يوحي بأنها إشارات خارجة عن إرادته؛ فهي بلا شك دلائل على حبه غير المُعلن، أما إن كانت مجرَّد تصرُّفاتٍ عادية؛ فهي تعني بأن الحب لم يطرق ووسائل بابه بعد. لا تستعجل الحكم ولا تطلب القرار؛ في حال كان الحب ما يزال بعيداً عن متناول يديك، فالحب يدخل القلوب بدون استئذان، ليس له وقتٌ ولا موعد.
عند قراءتك لإشارات شخصٍ بدت وكأنها إشارات تدُلُّ على أنه يحبُّك؛ وكان إحساسك يقول لك ذات الشيء؛ فأفضلُ ما يمكن عمله في هذه الحالة هو ترك أو إعطاء إشارات مماثلة له؛ حتى يتشجَّع الطرف الآخر ويُقدِمُ على الخطوة الحاسمة، فالتزام الحذر في مثل الحالات سيؤدي إلى إجهاض الحب بدون مُقدِّمات، وهذا طبعاً في حال كان عندك نفس المشاعر تجاه الطرف الآخر. أما في حالة أن مشاعرك تجاه هذا الشخص هي على النقيض تماماً من مشاعره؛ فلا ضيرَ من إبداء إشارات مُضادة؛ كي توصل له رسالة بانك لا تبادله نفس المشاعر، فأنت بهذه الحالة تكون قد رحمته من عذابٍ كبير، فالحب من طرفٍ واحدٍ والبقاء في عالم المجهول؛ عذابه ما بعده عذاب للحبيب، والاحسن وأفضل في هذه الحالة إيصال تلك الرسالة حتى يتمكَّن من تجاوز هذا الحب والمُضيُّ في طريقه والالبحث عن حبٍّ آخر يمكن أن يعيشه مع شخصٍ آخر بعاطفةٍ وانسجام، أما سجنه في قبو أحلامه؛ فهي جريمة كبيرة لن يغفرها الحبيب مدى الحياة، فأنت في هذه الحالة قد حكمت عليه أن يبقى يعيش في حبٍّ بلا أملٍ؛ وينتظر منك إشارة أو تلميح ليبوح لك بحبه الذي يُقطِّع أوصاله. والرحمة دليل الإنسانية، ومن لا يرحم لا يُرحم.