الدولة الأموية
في عام 40 هـ وبعد مقتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بدأ الأمويون بتأسيس دولتهم، وقد كان أبو سفيان بن حرب والد معاوية أحد أكبر سادات قريش وزعمائها قبل الإسلام، وكانت موكلةٌ إليه مهمّات كبيرة عدة، منها قيادة قوافل التجارة، وإدارة شؤون الحروب. عامل الرسول صلى الله عليه وسلم أبا سفيان معاملة كريمة، وقال: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن.
استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم ابنه معاوية كاتباً له، وحارب معاوية وأخوه يزيد في عهد الخليفة عمر، وولَّى عمر بن الخطاب معاوية والياً على دمشق ثمّ على الشام كلها؛ حيث تولّى خراجها وأمورها، وهذا كله بالإضافة إلى أنّ الخلفاء الراشدين استعانوا بأبناء بني أمية في فترة حكمهم، ممّا مهّد الطريق لمعاوية بن أبي سفيان لتولي منصب الخلافة الإسلامية.
معاوية بن أبي سفيان
هو أبو عبد الرحمن معاوبة بن أبي سفيان الأُموي القرشي، واحد من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم الذين طعن الكثيرون في سيرته الشريفة وسمو أخلاقه، وُلد في مكة المكرمة وكان من أوائل من أسلموا واتبعوا الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كان له شأن لدى الخُلفاء الراشدين حيث وضعوه في عدد من المناصب في الجيش وفي ولاية بعض الإمارات الإسلامية منذ تولي أبو بكر الصديق رضي الله عنه وحتى خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه. على الرغم من أنه اختلف مع علي بن أبي طالب بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان، إلا أن الحسن بن علي بن أبي طالب حفيد الرسول صلى الله عليه وسلم رأى أن معاوية أولى منه في خلافة المسلمين فتنازل له عنها.
بداية الدولة الأموية
يختلف البعض في بداية الدولة الأموية، ولكن الأرجح أنّ عام الجماعة الأول، وهو عام 41 هـ هو عام ميلاد الدولة الأموية؛ حيث نال فيه معاوية البيعة بالخلافة بإجماع من المسلمين في كلّ الأمصار.
بعد استشهاد الإمام علي رضي الله عنه بايع المسلمون الحسن بن علي رضي الله عنهما لتولي خلافة المسلمين، وفي الوقت نفسه كان معاوية والي مناطق الشام كلها، فاختلف المسلمون في خليفتهم القادم، وخشي الحسن رضي الله عنه بأن يتقاتل المسلمون وتنزف دماؤهم، فرغب الحسن بالصلح والتنازل عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان ابتغاء وجه الله تعالى وحقناً لدماء المسلمين، وقد كان معاوية أيضاً على استعداد للصلح، وتنازل الحسن لمُعاوية بالخلافة، وتوحّدت راية المسلمين، وقد أظهر كلاهما رضي الله عنهما صوراً من الحكمة وسمو الأخلاق.
معاوية مؤسس الدولة الأموية
ذُكر في التاريخ الإسلامي بأنّ الخلافة الأمويّة مرّت في مرحلتين: مرحلة قوة وازدهار، امتدت من عام 41 هـ إلى عام 125 هـ وقد ابتدأ بمعاوية بن أبي سفيان ثم تلاه ابنه يزيد، ومرحلة ضعف امتدت من عام 125هـ إلى عام 132 هـ الذي سقطت فيه الدولة الأموية. كانت لمعاوية بن أبي سفيان تجارب طويلة في الحكم والإدارة وقيادة الناس، وقد كان يتحلّى بصفات وأخلاق عالية جعلته مناسباً لهذا المنصب وخلافة المسلمين؛ إذ كان لبيباً وعادلاً وملكاً قوياً وجيد السياسة، وكذلك كان فصيحاً بليغاً كريماً باذلاً للمال. توفي معاوية بن أبي سفيان في دمشق بعمر 78 سنة ودفن فيها بعد خلافة عادلة دامت 20 سنة.