الدولة البيزنطيّة
البيزنطيين وهم الروم كما كانوا يعتبرون أنفسهم، وكما سمتهم الشعوب والدول المحيطة بهم، حيث تعتبر الإمبراطوريّة الرومانيّة الشرقيّة امتداداً للعصور المتأخرة القديمة وحتى الوصول الى العصور الوسطى، حيث كان تمركزهم في العاصمة القسطنطينيّة. عُرفت من قبل الدول والشعوب المحيطة بها تحت مسمّى الإمبراطوريّة الرومانيّة (روما)، وكانت تمثل استمراراً مباشراً للإمبراطوريّة الرومانيّة القديمة، وتمثّل هذا الأمر بمحافظتها على تقاليد الدولة.
يتمّ التمييز بين الدولتين (بيزنطة وروما القديمة) من ناحية تمييز بيزنطة بالمسيحيّة عوضاً عن الوثنيّة التي كانت تسود الدولة الرومانيّة، بالإضافة لتوجّه بيزنطة نحو الثقافة الرومانيّة، وكان الشعب يتحدّث باللغة اليونانيّة عوضاً عن اللغة اللاتينيّة.
الفرق بين الإمبراطوريّة البيزنطيّة والرومانيّة
لا يمكن تحديد تاريخٍ دقيق للحظة الفصل بين الإمبراطوريتين البيزنطيّة والرومانيّة، وتُعتبر عمليّة التمييز بينهما حديثة إلى حدٍ كبير، لكن الأمر المهم هو لحظة قيام الإمبراطور قسطنطين الأوّل بنقل العاصمة عام ثلاثمئةٍ وأربعٍ وعشرين من نيقوميديا الواقعة في الأناضول إلى بيزنطة على ضفاف البوسفور، وتحوّلت إلى اسم القسطنطينيّة أو ما يُطلق عليها مدينة قسطنطين وروما الجديدة (إسطنبول حاليّا).
تمّ تقسيم الإمبراطوريّة الرومانيّة بعد وفاة الإمبراطور ثيودوسيوس الأوّل عام ثلاثمئةٍ وخمسٍ وتسعين، ويُعتبر هذا التاريخ هو بداية التاريخ البيزنطي الخاص والبداية الفعليّة للإمبراطوريّة البيزنطيّة والتي كانت تُسمّى الإمبراطوريّة الرومانيّة الشرقيّة التي فصلت بشكلٍ تام عن الإمبراطوريّة الرومانيّة الغربية.
تأسيس الإمبراطوريّة البيزنطيّة
كان بداية الإمبراطوريّة البيزنطيّة في عهد هرقل الذي حَكمها قرابة الثلاثة عقود، وعمل على تأسيس الدولة الجديدة خلال تلك الفترة على نحوٍ فعّال، فقام بالعديد من الأمور منها:
- إنشاء الثيمات (التقسيمات الإداريّة) للقيام بإصلاح الإدارة والجيش.
- تغيير اللغة الرسميّة للدولة وحولها من اللغة اللاتينيّة إلى اللغة اليونانيّة.
امتدت الإمبراطوريّة البيزنطيّة في عمرها لأكثر من ألف عام، وكانت تُعتبر واحدةً من أقوى الإمبراطوريّات من جميع النواحي العسكريّة والاقتصاديّة والثقافيّة في أوروبا على الرّغم من تعرضها للعديد من النكسات وفقدانٍ للأراضي خاصةً خلال فترة الحروب البيزنطيّة العربيّة والرومانيّة الفارسيّة.
خلال حكم السلالة المقدونيّة عادت الإمبراطوريّة البيزنطيّة من جديد لتُصبح من أقوى الدول في شرق البحر المتوسط منافسةً في تلك القوى الخلافة الفاطميّة في القرن العاشر للميلاد. بدأت الإمبراطوريّة بعد عام ألفٍ وواحدٍ وسبعين للميلاد تفقد كثيراً من معاقلها لصالح السلاجقة الأتراك، لكن في فترة حكم الكومنينيون استعادت الإمبراطوريّة بعض الأراضي التي فقدتها، وعادوا ليفرضوا هيمنتهم في القرن الثاني عشر للميلاد التي استمرت حتى نهاية سلالة الكومنينيين بعد وفاة الإمبراطور أندرونيكوس الأوّل كومنينوس.
تراجعت بعدها أحوال الإمبراطوريّة مرةً أخرى، وخلال الحملة الصليبيّة الرابعة تلقّت الدولة ضربةً اعتبرت القاصمة عند حلّها وتقسيمها إلى كيانين متنافسين هما يوناني لاتيني وبيزنطي. في فترة حكم الأباطرة البالوج تمّت إعادة القسطنطينيّة وإرساء دعائم الإمبراطوريّة من جديد وذلك في عام 1261م، وظلت طيلة المائتي عامٍ التالية دولةً واحدة بين عدّة دول متنافسة في المنطقة، واعتبرت هذه الفترة هي الأكثر تألقاً ونجاحاً في تاريخ الإمبراطوريّة على جميع الأصعدة.
سقوط الإمبراطوريّة البيزنطيّة
نشبت العديد من الحروب الأهليّة داخل الإمبراطوريّة، وأدّت هذه الحروب إلى استنزاف الكثير من قوّة الإمبراطوريّة وضعفها، الأمر الذي أدى إلى فقدانها غالبيّة الأراضي المتبقية وتحديداً خلال فترة (الحروب العثمانيّة البيزنطيّة)، وبلغت هذه الصراعات ذروتها بعد الاستيلاء على العاصمة القسطنطينيّة وسقوطها في أيدي العثمانيين الذين تمكّنوا بدورهم من الحصول على ما تبقى من أراضي الدولة التابعة للإمبراطوريّة فيما بعد في القرن الخامس العشر للميلاد، معلنةً بهذا نهاية الإمبراطوريّة البيزنطيّة.