تعتبر مدينة مكة المكرمة عاصمة المسلمين وقبلتهم من كل أنحاء الأرض، فهي قبلتهم في الصلاة، ومزار حجهم ومكان راحتهم، وهي مهد نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فمنها نشأ وترعرع وبها بدأ رسالته الأولى، وفيها أول البيوت إعمارا في الأرض -بيت الله الحرام-، فيها عاش سيدنا اسماعيل عليه السلام ومنها ظهرت دعوة الخاتمة للناس تدعوهم أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله لينتشر السلام والأمن في كل بقاع المعمورة.
تعتبر مدينة مكة المكرمة وسط العالم ونسبته المقدسة، فإذا حسبنا خطوط الطول الممثلة في 360 خط تلف كرتنا الأرضية، فإننا نجد خطوط الطول من مكة إلى الشرق مقسومة على عدد خطوطها من الغرب مساوية للنسبة المقدسة الجمالية وهي 1.616، وكذلك لو قمنا بحساب دوائر العرض الممثلة ب180 دائرة عرض تدور حول كرتنا الأرضية، فإن عدد الدوائر شمال مكة مقسومة على أسفلها يساوي أيضا النسبة الجمالية المقدسة وهي 1.616، ومن الجميل أن الله تعالى قال في كتابة: "إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين"، وإذا حسبنا عدد الحروف من بداية الآية وحتى نهاية كلمة ببكة لوجدنا عددها مقسوما على العدد الكلي للآية يساوى النسبة الجمالية المقدسة وهي 1.616، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن مكة هي المركز الذي بدأ منه نشوء كوكبنا وهذا فيزيائيا وفلكيا صحيح.
بدأ اتباع المسلمين للقبلة في مكة المكرمة قبل المسجد الحرام بعد الأمر الإلهي المباشر في قوله: "قد نرى تقلب وجهك في السماء ... الآية" في منتصف شعبان من السنة الثانية للهجرة، وهذا توقيت تغير فيه طبيعة الدين الإسلامي حيث أصبحت للمسلمين قبلة ثابتة لا يتوهون في السماء للصلاة وأداء مناسكهم؛ أيضا فإن مكة مجمع المسلمين في كل عام في موسم حجهم من ذي الحجة، حيث يحج جميع المسلمين بجميع أطيافهم وألوانهم ولغاتهم إلى مكة سنويا لأداء فريضة الحج بلبس واحد لا يجمعهم إلا التقوى في قولهم: "لبيك اللهم لبيك".
تنبع أهمية وفائدة مكة المكرمة في قلوب المسلمين أنها مرقد بيت الله الحرام الذي هو مطاف حج المسلمين جميعا، أيضا فإن له دلالة رمزية كبيرة في حياة المسلمين فهو يحتضن سيرة النبي العدنان هو وجزء آخر من المدينة المنورة التي كان يطلق عليها يثرب قبل هجرة الرسول إليها، وتعتبر مكة من أحب المدن إلى المسلمين لحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: "والله إنك لأحب البلاد إلي ... الحديث"، واليوم تشهد مكة توسعات كبيرة من المملكة العربية السعودية للحرم المكي لاستيعاب العدد الكبير من الناس القادمين إليها سنويا، ومع قرب موسم الحج فإنها تأخذ تدابير كبيرة لضمان وصول الناس إلى البيت الحرام بسلامة وعودتهم بعد قضاء مناسكهم إلى بيوتهم سالمين، وهذه إجراءات قد تكون متعبة ومرهقة أحيانا لزيادة عدد الحجاج كل عام عن المتوقع الذي يفيضون فيه.
إن موقع مكة من قلوب المسلمين موقع الأب من ابنه فهي تجمعهم برابط الدين والتاريخ.