تاريخ القسطنطينية
تعدّ مدينة القسطنطينية من أشهر المدن في العالم على الإطلاق، فقد ساهم موقعها الجغرافيّ والحيويّ في بقائها كحاضرة للدّولة الرّومانيّة البيزنطيّة لسنين طويلة، وتعود حضارة هذه المدينة إلى ما قبل الميلاد حيث كانت تسمّى في القرن السّادس والسّابع قبل الميلاد بمدينة الصّيادين، وفي سنة 330 ميلادي جاء الملك الرّوماني قسطنطين إلى هذه المدينة وجعلها عاصمة امبراطوريّته حتّى سنة 395 ميلادي، وقد سمّاها مدينة القسطنطينية نسبة إليه، ثمّ بعد الحكم الرّوماني خضغت المدينة للحكم البيزنطي في الفترة ما بين 395 ميلادي إلى 1453، وقد كان المدينة في بداية الحكم البيزنطي لها عاصمة للدّولة البيزنطيّة الشّرقيّة حيث بنيت فيها كنسية آيا صوفيا الشّهيرة التي مثلّت الكنسية الأرثوذوكسيّة الشّرقيّة في ذلك الوقت، وقد حصل صراع بين الكنيسة الشّرقيّة في القسطنطينيّة والكنيسة الغربيّة التي كانت تمثلها إمبراطوريّة الرّوم اللاتين وقد وصل الصّراع بينها على أشدّه حين قامت الحملات الصّليبّية باجتياح القسطنطينية وأراضي الدّولة البيزنطيّة وحرق مبانيها وتخريب كنائسها وذلك سنة 1204 ميلادي، وقد انتهى الحكم البيزنطي لمدينة القسطنطينية في سنة 1453 حين فتحها المسلمون.
الفتح الإسلامي للقسطنطينية وتسميتها
لقد تعرّضت مدينة القسطنطينية إلى محاولات عدّة من قبل المسلمين لحصارها وفتحها، ولقد بلغت تلك المحاولات ما يقارب أحد عشر محاولة في مدة ثماني قرون تقريباً، وأولى هذه المحاولات كانت في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان حيث حاصر المسلمون سواحلها واشتبكوا مع القوات البيزنطيّة ولكن بسبب حصون القسطنطينيّة المنيعة وأسوارها العالية لم يتمكّن المسلمون من فتحها، وقد توالت المحاولات بعد ذلك منها حملة في عهد سليمان بن عبد الملك وفي عهد عمر بن عبد العزيز، وكذلك في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد، إلا أنّه لم يكتب لأيّ منها النّجاح .
لقد كان الدّافع الرّئيسي والحماس الشّديد في نفوس المسلمين لفتح القسطنطينية منطلق من حديث النّبي عليه الصّلاة والسّلام ونبوءته بفتح القسطنطينية وذلك يوم غززوة الخندق، فلقد بين النّبي الكريم أنّ هذه المدينة سوف تفتح على يد المسلمين وأشاد بالأمير الذي يفتحها بقوله "فلنعم الأمير أميرها " كما أشاد بجيش الفتح هذا، وقد شاء الله سبحانه وتعالى أن تتحقّق نبوءة نبيّه الكريم في عهد الخلافة العثمانيّة وتحديداً في عهد الخليفة العثماني محمد الفاتح حيث قام المسلمون بحصار المدينة واستبسلوا في ذلك حتّى فتحوها سنة 1453 ميلادي وقد سميّت وقتها اسلامبول أي مدينة الإسلام حتّى جاء الزّعيم العلماني مصطفى كمال أتاتورك ليغيّر اسمها إلى اسطنبول ضمن سياسيّة التّغريب التي اتّبعها منذ أن تولّى للحكم في تركيا.