هل خطر ببالك ذات يوم وأنت تخضع لفحص طبيبك بواسطة سماعته أن تعرف عن تاريخها ومن قام باختراعها؟، ربما لا يخطر على بالنا سؤال كهذا، رغم عظمة هذا الاختراع، لأنه أصبح جزءاً لا يتجزأ من الطبيب، وربتعرف على ما هى أشهر أداة ترتبط في أذهاننا به، فلا نكاد نتذكر طبيبنا إلّا ونجد صورته مترافقة مع سماعته المتدلية على جانبي كتفيه، فمن الذي قدم للبشرية هذا الاختراع العظيم، وكيف كان ذلك؟
قصة الاختراع
استُدعي الطيبيب الفرنسي رينيه لينك ليفحص فتاة مصابة في قلبها، وكانت العادة المتبعة منذ عهد أبقراط أن يضع الطبيب أذنه على صدر المريض ليسمع دقات قلبه، لكن لم يكن قادراً على القيام بعمله كما ينبغي بسبب خجل الفتاة التي لم تقبل أن يضع أذنه على صدرها، وقع الطبيب في مأزق جعله يتوقف لحظات ليجد حلاً لمشكلته، فكانت منه التفاتة صوب صحيفة كانت ملقاة جانباً، وهنا جاءته فكرة أن يلفّها على شكل أسطوانة ويضعها على صدر الفتاة المريضة، وكم كانت دهشته كبيرة عندما سمع صوت دقات قلبها بوضوح، وبعد الانتهاء من فحصها، تشكّلت لديه فكرة حول آلية صنع سماعة تكون معيناً له في عمله.
من هو رينيه لينك
رينيه لينك، طبيب فرنسي ولد في باريس عام 1781 وتوفي عام 1826، توفيت والدته وهو في السادسة من عمره بعد إصابتها بمرض السل الرئوي، والذي كان منتشراً في ذلك الوقت، كان والده وقتها يعمل في الجيش الفرنسي، ولم يكن قادراً على رعاية الطفل الذي فقد أمه، لذا قام عمه الطبيب بتعهده ورعايته والعناية به، لم يكن رينيه ذا صحة جيدة، حيث كان مصابا بالربو، وكثيراً ما كانت تأتيه نوبات إعياء استمرت معه طوال حياته.
قام باختراع السماعة الطبية عام 1816، والتي تطورت فيما بعد لتصل إلى الشكل الذي نراها عليه اليوم، كما كانت له أبحاث أخرى مميزة في علم الأمراض. توفي وهو في الخامسة والأربعين من عمره، بعد إصابته بمرض السل الرئوي، وكانت وصيته الأخيرة قبل قليل من وفاته: " أوصي بكل أبحاثي وكتبي العلمية إلى ابن أخي، كما أوصى له بساعتي وخاتمي، وفوق هذا كله أوصى له بأغلى شيء و أعظم شيء في تركتي ألا وهو سماعتي الطبية".
السماعة الطبية وتطورها
قام رينيه لينك بصنع السماعة من الخشب، ثم في عام 1830 قام بيير بيوري بعمل تعديلات عليها، حيث قام بإضافة جزء من العاج إلى القطعة التي تتصل بالأذن، أما الخرطوم الخشبي فقد تم استبداله تقريباً في نفس الفترة، إذ تم استخدام خرطوم طري بدلاً منه، غير أنّ الجهاز الخشبي بقي منتشراً لعدة عقود. فيما بعد، وبعد تعديلات عدة عليها وصلت إلى حالها الذي نعرفه، والتي هي عبارة عن قطعتين توضعان في الأذنين، كل واحدة منهما متصلة بأنبوب مرن ينتهي بقطعة دائرية توضع على الصدر وتعمل على تضخيم صوت القلب ونقله إلى الأذنين.
بصمة واحدة تغيير الكثير كانت البصمة التي تركها الطبيب رينيه ذات أثر عظيم، يضاف إلى سجل الاختراعات البشرية ذات القيمة الكبيرة، ولعل فيها درسًا وعبرة لكل فرد ينتمي إلى هذه البشرية، أن لا يستهين بما يقدم مهما بدا له صغيراً، فكل صغير يكبر، وكل فكرة قد تقود ثورة تغير الكثير وتدفع عجلة التقدم قدما طرق وخطوات وطرق وخطوات لتصنع التغيير.